«فيروس «كورونا»: لماذا أصبح هذا البلد العربي الأول عالمياً في مرونة التعامل مع الوباء؟». تحت هذا العنوان، كتبت ليندسي غالواي على موقع BBC، تقول: «طوال فترة تفشي وباء «كورونا»، كانت الإمارات العربية المتحدة، واحدة من أكثر الدول مرونة في مواجهة التحورات الجديدة للفيروس، بأعلى معدل تطعيم في العالم، بالإضافة إلى اختبار شامل، وبأسعار معقولة».

وأضافت: «في الواقع، تحتل دولة الإمارات العربية المتحدة حالياً، المرتبة الأولى في تصنيف بلومبرغ لمرونة التعامل مع الوباء، وهو التصنيف الذي يضم 53 دولة، بناء على 12 مؤشراً، مثل جودة الرعاية الصحية، ومعدل الوفيات من الفيروس، وإعادة فتح السفر».

كانت سنة 2020 مربكة لكل البشر. دولة الإمارات، تستعد لافتتاح «إكسبو 2020 دبي». وعدت بأنها سوف تبهر العالم بتنظيم أفضل دورة للمعرض، منذ انطلاقه قبل 170 عاماً. دبي تجهز لهذا العرس الكبير الذي سيقام على أرضها، والموعد المقرر لافتتاح المعرض، هو 2020/‏10/‏20. لكن فيروس «كورونا» المستجد، أطل برأسه مع بداية السنة. كانت الأخبار التي تأتي من مدينة «ووهان» الصينية في البداية، تبدو غير باعثة على القلق. شيئاً فشيئاً، بدأت الصورة تتضح. بعد شهرين من الإعلان عن حالات الإصابة الأولى بالفيروس، تحول الوضع إلى الحديث عن جائحة تهدد باجتياح الكرة الأرضية كلها.

توقفت حركة السفر، وأغلقت أغلب الدول حدودها أمام الداخلين إليها والخارجين منها. ظلت الطائرات رابضة على الأرض في المطارات. خلت الشوارع من البشر والمركبات. فرضت كثير من الدول أنظمة حظر تجول، بعضها كلي، وبعضها الآخر جزئي. دبي جاهزة لافتتاح المعرض، لكن الرعب الذي اجتاح العالم كله، أجّل كل شيء، وكأن الحياة قد توقفت إلى أجل غير معلوم.

بدأت خطة التعقيم الوطني في الدولة، وانتشرت فيديوهات وصور لمدن الإمارات وشوارعها ومراكزها التجارية، وقد خلت من السيارات والبشر، في منظر لم يعتده الناس. أكثر الصور تداولاً، كانت صورة لقلب دبي النابض، منطقة برج خليفة وشارع الشيخ زايد والجسور والشوارع القريبة منهما، وقد بدت خالية تماماً من السيارات والعابرين، وهي التي اعتاد الجميع رؤيتها تضج بالحياة على مدار الساعة. هذه الصورة على وجه الخصوص، أثارت الشجن في قلوب الكثيرين، كما أثار شجنهم مقطع فيديو نشرته إدارة «مول الإمارات»، تظهر فيه متاجر المول ومرافقه ودور السينما، خالية تماماً من مرتاديها. كان عنوان الفيديو «هذا ليس وداعاً».

هذا الفيديو، وتلك الصورة، بقدر ما أثارا شجن البعض ممن اعتادوا رؤية هذه الأماكن تضج بالحياة والحركة، إلا أن أغلب الناس كانوا متفائلين. تركوا النصف الفارغ من الكأس، ونظروا إلى النصف المملوء. اعتبروا توقف الحركة في الشوارع وخلو المراكز التجارية من البشر، دليلاً على تحضّر شعب الإمارات والمقيمين على أرضها، وانقيادهم للإرشادات والتعليمات التي أصدرتها الجهات المختصة في الدولة، لمحاصرة هذا الوباء، والحد من انتشاره، وثقتهم بقيادة دولة الإمارات، التي تعاملت مع الجائحة بالجدية التي جعلتها تحتل المرتبة الأولى في تصنيف بلومبرغ لمرونة التعامل مع الوباء.

«ما بعد «كورونا»، لن يكون مثل ما قبلها»، مقولة رددها الكثيرون. هذا لا يعني أن ما بعد «كورونا» سيكون أسوأ مما قبلها على كل حال، فالتجربة التي مر بها العالم منذ ظهور الوباء، غيرت الكثير من الأفكار والسياسات والمفاهيم والعلاقات بين الأفراد والدول والحكومات. أثبتت هذه المحنة، أن العالم كان سائراً في طريق سيقوده إلى ما هو أسوأ من الوباء. أظهرت أن كثيراً من التحالفات التي تربط بين الدول هشة، لم تصمد أمام تداعيات الجائحة. انهارت القيم والأخلاق والمثل العليا، التي كان العالم المتقدم يتشدق بها. تخلى الحلفاء عن التزاماتهم، لكن بلادنا أثبتت أنها وفية لالتزاماتها، متمسكة بإنسانيتها وأخلاقها وقيمها العليا. مدت يدها لتساعد القريب والبعيد، ملغية كل الفوارق العرقية والدينية والسياسية، وغيرها، من حساباتها.

أنجزت دبي ما وعدت، فنظمت أفضل دورة من دورات معرض إكسبو، منذ انطلاقه، بشهادة الجميع. تأجل الافتتاح عاماً، بسبب الظروف التي فرضتها الجائحة، لكن هذا لم يزد دبي إلا إصراراً على التميز، وها هي تقترب من تحقيق الأرقام التي أعلنت أنها تستهدفها. الوباء ينتقل من مرحلة إلى مرحلة، ودولة الإمارات تتعامل مع كل مرحلة بما يناسبها. صور بلادنا تزداد جمالاً وألقاً. اختفت تلك الصور التي أثارت الشجن ذات يوم. هذه هي دولة الإمارات، التي يتحدث الجميع عنها بإعجاب.