"انظروا للسعودية قبل ستة أو سبعة أعوام.. فقد فعلنا الكثير، ولا تزال هنالك أمور باقية لنفعلها، وسنعمل على فعلها". كان هذا بعضا مما قاله سمو ولي العهد أثناء حديثة مع مجلة (أتلانتيك) عن التغيرات الكبيرة التي قادتها المملكة، تلك التغيرات تحققت على تطور المفاهيم للإنسان دون حدود لطموحه وتطلعاته، وكان الحديث المهم عن تنقية الإسلام مما علق به من شوائب مدخلا أساسيا لاستمرار التنمية وتحقيق الرؤية، فإن أهم رافد للمفاهيم في المجتمعات الشرقية هو الدين، ومن يرى غير ذلك أظنه غارقا في تنظير غير واقعي، انظروا للدول العربية ذات التنوع الطائفي بنسب متقاربة جميعها دخلت في حروب طائفية، بالإضافة لظهور الإسلام السياسي في بقية الدول مثل حركة الإخوان المسلمين وغيرها من التيارات الحركية كلها دلائل على مكانة الدين في الشرق للتأثير على وعي المجتمع وثقافته.

تلك القيود التي ألصقت ظلما بالإسلام كان لها الدور الكبير في تقليص الآفاق وقدرة الابتكار ومفهوم الأخلاق وضمير الفرد، والأسوأ ظهور المفاهيم الدموية التي للأسف وجدت من يؤمن بها وهي قائمة على التكفير ورفض الآخر، والأسوأ استباحة الدم تحت أي تبرير ملفق بالإسلام، وكانت المملكة للأسف قد عانت من هذه التيارات الفاسدة من الإسلام السياسي التي أثرت على من اقتنعوا بها من أبناء وطننا منذ أحداث 11 سبتمبر وما قبلها، أما اليوم فنجد سعوديين يعملون في وادي السليكون، وآخرين من رواد أعمال يؤسسون أعمالا عصرية ومبتكرة وطرق إنتاج مرنة مثل الاقتصاد التشاركي، هذه النماذج من الأعمال لم تظهر لمجرد التطور الرقمي بل بتغير المفاهيم التي فتحت الآفاق للابتكار وفي طرح منتجات ترفع الكفاءة الإنتاجية سواء في مجالات التقنية المالية أو التجارة الإلكترونية واللوجستية حيث تضاعف عدد الصفقات في الاستثمارات الجريئة في المملكة من 40 بالعام 2016 إلى 139 العام الماضي، وقيم الاستثمارات تضاعفت 17 مرة حسب تقرير (ماجنيت).

والشباب والشابات يتبارون في المعرفة والابتكار؛ لذلك أصبحت المرأة شريكا أساسيا في التنمية عبر نسبة تبلغ 31 % من القوة العاملة السعودية في بيئة متجددة وسريعة في تطوير القوانين بما يناسب بيئة الأعمال ومتطلبات السوق. نعم الرؤية تبدأ من الإنسان السعودي الذي أثبت للعالم قدرته في صيانة 200 مليار برميل وقدرة تحقيق قدرات إنتاج موثوقة تصل إلى 12 مليون برميل يوميا دون أن يؤثر على إنتاجيات الاحتياطات وقاعدة للصناعة البتروكيميائية، وأصبحت "سابك" العملاق الرابع في العالم، واليوم خلال انفجار الحرب الروسية الأوكرانية وتضخم أسعار الطاقة، يتضح للغرب دور المملكة وأهميتها كمنتج موثوق، وهو نفس السعودي الذي يصنع التغيرات ويتذوق الفن ويستمتع بتنوع الثقافات. كل تلك الأرقام الاقتصادية التي نقرؤها هي فقط تعكس قدرة الإنسان على الإنتاج التي يتسارع مع الابتكار وآفاق العقل.