يجب أن تدقق في السائقين والسائقات من حولك أكثر، إذا كان رأسه مائلا قليلا للأمام، أو فيه نصف التفاتة لليمين أو اليسار، فاحذر منه أو منها، إنهم مشغولون بهواتفهم الجوالة، وهذا يعني أنه لم ير إشارتك للانتقال إلى مسار، أو الانعطاف، أو الالتفاف للخلف.

يتندر الشباب على هذا السائق أو السائقة بأنه "مفهي" مع الجوال، وهذا صحيح لكن الأمر أكبر من مجرد السخرية منه والحذر منه، الأمر يتعلق بروحه، وبأرواح الآخرين.

لا ننكر أن انضباط الناس تحسن نسبيا في قيادة السيارات، وإذا استثنينا المتخلفين والمرضى النفسيين الذين يعتقدون أنهم أهم ممن يصطفون بانتظام للدخول من مخرج أو الالتفاف، فإن كثيرا من الناس تحسنت قيادتهم بسبب الخوف من النظام الذي ساعدت التقنية على تطبيقه، لكن تبقى قضية الهاتف مشكلة كبيرة.

أصبح لدى من لا يفارقون شاشات جوالاتهم وسائل مساعدة تجعلهم يثبتون جوالاتهم في مكان لا تلتقطه كاميرات رصد المخالفات التي لا ترصد سوى من يمسك الهاتف بيده، وهي لا ترصد من يفعل ذلك بعينيه، والعينان هنا أهم شيء أثناء القيادة.

تفقد عائلات كثيرة شبابا من الجنسين في عمر الزهور، ربما لا يكونون من استخدم الهاتف أثناء القيادة، ربما يكونون ضحايا لآخرين يفعلون ذلك ببلادة، ويبدو أن المشكلة تحتاج إلى أكثر من موضوع المخالفات التي يجب أن تغلظ على مستخدمي الجوال.

ربما يكون لقلة وجود رجال المرور، أو انشغال بعضهم أيضا بهاتفه الجوال دور في ضعف الرقابة البشرية الميدانية، فالتقنيات وان كانت ترصد المخالفات الظاهرة، فهي لا تلتقط كثيرا مما يمكن أن يؤكد أن السائق في وضع يشكل خطرا على نفسه وعلى الآخرين، أيا كان هذا الوضع.

كاميرات رصد المخالفات ليس لديها "الحدس" الذي سيكون لدى رجل المرور أو المرور السري أو الأمن، وهو الحدس نفسه الذي ينتابك أحيانا وأنت تراقب سائقا حولك وتعرف شبه موقن أن هناك مشكلة في قيادته، أو قدرته على السيطرة، أو التركيز.

ينبغي التركيز أكثر على هذا الملف، وتبادل الآراء والأفكار حول الحلول المقترحة، سواء كانت تقنية أو بشرية، فالأمر أننا عانينا طويلا السرعة الجنونية، واليوم نسخر من معاناتنا مع من يمشون ببطء وقلة تركيز لأنهم يتابعون جوالاتهم.

أنت عزيزي مدمن الجوال، تذكر أن حياتك وحياة الآخرين أهم من الرد على رسالة، وتذكر أن هذه اللحظات التي تعتقد أنك قادر على السيطرة عليها، حدث خلالها أشنع الحوادث وفقدت فيها أجمل الأرواح.