في موقع مميّز في قلب العاصمة البريطانية، لندن، يقع المركز الثقافي الإسلامي، الذي يحتضن المسجد أيضاً، بمحاذاة الحديقة ريجنت بارك Regent Park الشهيرة في وسط حي سكني على بارك ستريت Park Street.

يتردد على المسجد المصلون من جنسيات مختلفة، ويزداد الزحام في المنطقة بالمناسبات الإسلامية كشهر رمضان والأعياد، إلى جانب الدروس الدينية التي تجري بلغات مختلفة، من بينها العربية والانكليزية، بحسب طبيعة وهوية الجاليات المسلمة، التي معظمها تحمل الجنسية البريطانية.

في المناسبات الإسلامية، تحرص الشرطة البريطانية على التواجد والحراسة المشددة بجانب رقابة أمنية على مدار الساعة لمصلحة المسلمين، الذي يترددون على المسجد والمركز الثقافي الإسلامي، وهو ما يؤكد منهج التعايش الديني برعاية بريطانية.

تتصدى الجهات الأمنية البريطانية للتنمر بكل الأشكال، بغض النظر عن المصدر والدين، بهدف نشر التسامح والتعايش الفكري والديني، بينما في دول إسلامية يحصل العكس ضد غير المسلمين!

الكويت إحدى الدول التي يعصف فيها التعصّب الديني والتطرف والغلو برعاية حكومية، وتحديداً من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وتحت نظر ما يسمى بمركز الوسطية، الذي فشل في تصديرها داخل الكويت وخارجها أيضاً، مع تحمّل أعباء مالية غير مبررة.

لم تنجُ الكويت من الغلو والعمليات الإرهابية، لكنها لم تتعلم من هذه الدروس القاسية اجتماعياً وثقافياً، حيث يلاحظ أن حالات التشدد ضد الأديان الأخرى لم تزل في تعاظم وانتشار واسع، خصوصاً بين فئة الشباب وبعض الدعاة وشيوخ الدين.

في العاصمة لندن، وخصوصاً بقرب المنطقة المحيطة بالمسجد، تنتشر ظاهرة الثوب الصيفي الأبيض، دشداشة بالعامية الكويتية، في كل المواسم حتى الشتاء فوق لباس أوروبي، وهو مظهر لا علاقة له بالإسلام ولا التدين!

بالرغم من غرابة اللباس وانتشاره، فإن المارة يتعاملون برقي في عدم الاعتراض أو حتى التعليق احتراماً لحريات الآخرين وتقديراً لها، بينما الحال مختلف في الكويت ودول أخرى، حيث تتهاوى قيم الاحترام لحريات الغير!

ليس من الحصافة السياسية أن تصرف النظر الحكومة الكويتية عما يجري في الشارع الكويتي، وفي بعض المنتديات والحسابات الإلكترونية، التي تشيع التشدد والغلو وجعله فرضاً على المجتمع!

هناك أحد أساتذة كلية الشريعة في جامعة الكويت، الذي صدرت عليه أحكام قضائية غيابية، وهو هارب من العدالة، بينما يتحفّز له بعض نواب الأمة في تظليل الرأي العام في توجيه أسئلة برلمانية لمصلحة من جرت إدانته في الإرهاب الفكري.

يحصل تحت بصر الحكومة كل ذلك من تظليل وحماية علنية للفكر المتطرف والغلو والإرهاب الفكري، خوفاً من ردة فعل بعض نواب الأمة المنتسبين للتيار الديني المتشدد، وهو فيما أحسب تراخٍ متعمّد بسبب تواضع القرار السياسي والجزع من تطبيق القانون.