لا يخفى على من يعرف الكويت أن مساحتها محدودة، وباديتها معروفة، والأعداد القليلة من ساكني البادية معروفون أيضاً، وتم منحهم جنسية بلدهم في مطلع ستينيات القرن الماضي.

ولأن الأرض لا تنبت بشراً، فإن من يقولون إنهم من بالبادية هم إبناء بلدان مجاورة وغير مجاورة وصلوا إلى الكويت من أجل العمل، ثم تطورت مقاصدهم ومطالبهم لتصبح الحصول على الجنسية الكويتية.

والحصول على الجنسية تحكمه التشريعات، أسوة بكل بلدان العالم، فمن لا تتوافر فيهم الشروط ينبغي إبلاغهم بأنهم لا يستطيعون الحصول عليها، على أن يحدد وقت لإغلاق هذا الملف الذي سبب الأذى للطرفين، الدولة من جهة، والمقيمين بصورة غير قانونية من جهة أخرى.

مجتمع هجرات

هناك من يرددون أن الكويت مجتمع هجرات، بمعنى أنهم مثل غيرهم من سكان الكويت مهاجرون، ومن حقهم الحصول على الجنسية الكويتية.

الحقيقة أن كل المجتمعات في بداية تشكلها كانت مجتمعات مهاجرين، ولكن حين نشأت الدولة الحديثة، والإمارة أو المملكة أو الجمهورية تم تحديد حدودها وحصر سكانها، ومنحهم الوثائق التي تدل على انتمائهم إلى هذا الكيان السياسي أو ذاك.

والكويت كغيرها من بلدان العالم كانت في بداية نشوء كيانها مجتمع مهاجرين، ولكن قيام كيانها السياسي في مطلع القرن الثامن عشر أدى إلى استقرار هويتها، ومن غير المعقول أن تظل إلى الأبد مجتمع مهاجرين.

لو صح الأخذ بمبدأ تجنيس كل المهاجرين لوجب أن تقوم الكويت بتجنيس نحو مليون هندي وباكستاني من المقيمين في الكويت حالياً، لأن بعض آبائهم هاجروا إلى الكويت، وعملوا فيها منذ القرن التاسع عشر.

الكويتيون البدون

من المؤسف أن بعض الكويتيين لا يدركون خطورة الإساءة إلى وطنهم، حين يرددون مقولات المقيميين بصورة غير قانونية، الذين أصبحوا يسمون أنفسهم «الكويتيون البدون»، وكأنهم بالفعل كويتيون حرموا من حقهم في الحصول على جنسية وطنهم.

والحقيقة خلاف ذلك، إضافة إلى الزعم بأن الكويت لم تعطهم حقوقهم، وهم يعرفون قبل غيرهم أن الكويت الرسمية والأهلية منحت «البدون» ما لم تمنحه أية دولة أخرى، بما فيها دول أوروبا والولايات المتحدة وكندا.

ليس هناك من يعارض منح كل المقيمين على أرض الكويت أسباب الحياة الكريمة، وفي مقدمتهم «البدون»، أما موضوع الجنسية فهو محكوم بالقانون، ولا يخضع للابتزاز والتشهير والمصالح الخاصة.

وعلى من يهمه أمر فئة البدون، أو المقيمين بصورة غير قانونية، أن يتوقف عن دغدغة العواطف، وأن يدعو هذه الفئة إلى تعديل أوضاعها بدلاً من تشجيعها على البقاء في حالة الضياع وانتظار المجهول الذي يتعذّر مجيئه.