خُتم في مدينة الرياض السعودية، يوم أمس الأربعاء، المؤتمر الدولي للتعليم 2022، وقد استمر لأربعة أيام، وشاركت فيه 23 دولة وقرابة 50 وزيراً وخبيراً دولياً، ومعهم منظمات أممية كالبنك الدولي واليونسكو واليونيسيف وجامعات وشركات تعليمية كبيرة ورائدة في مجالها، وفي المؤتمر الذي توقف لمدة عامين بسبب جائحة كورونا، وقعت أكثر من 72 اتفاقية محلية ودولية، وتم الإعلان عن استراتيجية التعليم السعودي 2027، وقدم المؤتمر لفرص تطوير التعليم والاستثمار فيه، وللسياسات التعليمية في أوقات الأزمات وتحديات الأوبئة.

المؤتمر بالتأكيد يمثل منصة دولية لتبادل الخبرات في المجالات التعليمية، ويهتم بعرض الاتجاهات والممارسات الجديدة في مجال التدريس والتعليم، ولاحظت أن شركة تطوير التعليم القابضة المملوكة لوزارة التعليم السعودية، وقعت مذكرة مع مدرسة رايغايت غرامر البريطانية، وذلك لإنشاء مجموعة من المدارس البريطانية في المملكة.

ما سبق يأتي، في رأيي، ضمن محاولات الوزارة رفع نسبة طلاب التعليم الأهلي والعالمي لتصل إلى 25 % من إجمالي الطلاب في 2030، والنسبة الحالية قدرها 13 %، فقد تضررت المدارس الخاصة من أزمة كورونا، ولدرجة أن أعداد الملتحقين بها تراجعت من مليوني طالب إلى ثماني مئة ألف في ذروة الوباء، وقبله أو في عام 2019 وصل الإنفاق على التعليم الأهلي والعالمي قرابة مئتي مليار ريال، وبحصة سوقية قدرها 8 % لأكبر شركة تعليمية.

فكرة المدرسة تعود إلى اليونان القديمة، فالفلاسفة كانوا يدرسون أفكارهم ومناهجهم في أماكن تعرف بالأكاديمية، والمدرسة بشكلها الحديث عرفت في القرن التاسع عشر الميلادي، وبواسطة أحد قادة الجيش البيلاروسي واسمه شارنهوست، وهذا القائد اهتم بضرورة التعليم للعسكريين، واستطاع وضع منهج منضبط للتربية والتعليم العسكري هزم به نابليون في 1815، ومن ثم استخدم ذات الأسلوب مع عمال المصانع في الثورة الصناعية، ويمثل ذلك بواكير التعليم المهني، حتى إن رجل الأعمال الأميركي جون روكفلر، صرف على نشرها في أميركا 130 مليون دولار، وفي القرن العشرين التقط الفكرة البروفيسور الألماني جورج شنشتاينر، وقال بفكرة تعميم التعليم بعد أن كان مقصوراً على فئة العمال وحدهم.

30 % من العاطلين عن العمل في المنطقة العربية من حملة الماجستير والدكتوراه، و50 % حاصلون على البكالوريوس، والسبب أنهم ضحايا لنظام تعليم عربي قائم على التلقين والحفظ، وليس على نقل وتطوير مهارات التفكير والتخطيط، وبالتالي فهو لا يستطيع الوقوف على الفوارق الفردية الحقيقية بين الطلاب، ومعظم المستفيدين منه في المملكة هم من خريجي ما يعرف بالمعاهد العلمية، التي لا تدرس العلوم البحتة ولا اللغة الإنجليزية، وتعطى لخريجيها الأولوية في التخصصات المدنية والعسكرية، وأتصور أن مواكبة التعليم لمتطلبات المستقبل، لا يكون إلا بالاستثمار في جودة المنهج الدراسي وطرق التدريس في المدارس، وبتحويل المعاهد العلمية إلى مؤسسات تعليمية منسجمة وغير مؤدلجة.