تمت الموافقة الملكية على توصية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في 5 مايو، على إنشاء هيئة تطوير محافظة الأحساء، حيث تعتبر المحافظة وقراها وأريافها جذور المجتمع (Grass Roots) والتنمية من الأسفل إلى الأعلى، فهي الأكثر إدراكاً وملامسة لحاجاتها من تنمية وخدمات في حدود مواردها المتاحة، مما يجعل ترابطها قوياً وأكثر كفاءة ويحقق الأهداف العامة النابعة من المنطقة الإدارية، إنها منهجية تخطيطية لتنمية مناطق المملكة بصفة عامة وتمكينها من اغتنام الفرص ومواكبة طموحات رؤية 2030.

لقد سبق وإن قال ولي العهد وبوضوح: "إن هناك فرصاً خيالية أكبر لصنع مستقبل أفضل بكثير مما عاشوه أسلافنا" وحددها بقوله: "هناك فرص ضخمة في السعودية خارج القطاع النفطي". لقد حان الوقت لاستغلال الفرص وتعظيم منافعها الاقتصادية والاجتماعية في إطار تنمية متوازنة بين المناطق والمحافظات، بناءً على ما تتمتع به من ميز نسبية وتنافسية لم يتم استغلالها على مدى عقود طويلة، لغياب التنبؤات بمستقبل الاقتصاد واتخاذ القرارات الاقتصادية الفاعلة خارج مكامن النفط وباتجاه التنوع الاقتصادي والاستثمار المنتج من أجل رفع المستوى الاقتصادي والمعيشي في كل محافظة ومساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي. إنه الاستثمار الأفقي الذي يربط بين الأحساء والمحافظات المجاورة والبعيدة وفي النهاية الاستثمار في الاقتصاد السعودي.

إن مسؤولية تطوير الأحساء تقع على عاتق هيئة التطوير بجميع أعضائها بالتركيز على نقاط القوة المتعددة التي تتوفر في المحافظة وتحديد نقاط الضعف بتطبيق نموذج التحليل الرباعي (SWOT) وقياس تأثير قرارات التطوير والتنمية من خلال نموذج تحليل التأثير Impact Analysis وتحديد تأثير اتخاذ القرارات الاقتصادية المحتملة على القطاعات الاقتصادية باستعمال نموذج المدخلات والمخرجات (Input/output Analysis)، إنها نماذج متبعة في التحليل للحكم على القرارات العامة والاقتصادية قبل تنفيذها وبعد تنفيذها.

هكذا يتم تطوير محافظة الأحساء على أسس اقتصادية واجتماعية قادرة على جذب الاستثمارات من أقصى مكان ممكن بناءً على نموذج الجاذبية القياسي (The gravity model)، إن ما تسعى إليه حكومتنا بتطوير محافظاتها وتعزيز عوامل الجذب من خلال برامجها ومبادراتها التي حددتها رؤية 2030 وبكفاءة اقتصادية ومالية عالية وبمشاركة القطاع الخاص. وبهذا يحدد نموذج المدخلات والمخرجات حجم الطلب على منتجات وخدمات المحافظة والقيمة الاقتصادية المضافة إلى الناتج المحلي الإجمالي وتوليد الوظائف وذلك بتحليل تكاليف المدخلات وقيمة المخرجات لأهم الفرص وأثرها المباشر وغير المباشر على المحافظة والاقتصاد الوطني.

فبناءً على اكتمال سمات (Attributes) الجاذبية، ستصبح محافظة الأحساء مركزاً للجاذبية اقتصادياً وتقنياً ومعرفياً في بيئة جاذبة للاستثمارات، تعزز المنافسة المكانية، وتوظف السعوديين، وتسعد الأسر بجودة حياتها وتجذب السياح من كل مكان في العالم. إننا نتوقع أن يكون العائد على الاستثمارات كبيراً وبمضاعف اقتصادي مباشر وغير مباشر، يساهم في الناتج المحلي الإجمالي وبتكاليف أقل.