لا تزال أذناب التنظيمات الإرهابية تحاول العبث بالأمن القومي العربي، واستعادة أجواء الفوضى والتخريب، ونشر الأفكار الظلامية، واختطاف هوية الاستقرار من الأمة العربية.

الحادث الذي شهدته سيناء الأيام الماضية، له رسائله ودلالاته، التي تستحق التوقف أمامها، فقد جاء بعد مراحل تنموية كبرى، على مدار السنوات الماضية، وأيضاً بعد نجاح الدولة المصرية، بكل أجهزتها الوطنية، في اجتثاث جذور الإرهاب، عبر خطط متكاملة، تبدأ بهزيمة الأفكار الظلامية والمتطرفة، مروراً بتجفيف مصادر تمويل الإرهاب، وصولاً إلى النجاح الكبير في إجهاض العمليات الإرهابية، وفق الاستراتيجيات الاستباقية.

توقيت هذه العملية، التي شهدتها منطقة شرق القناة، رسالة تقول إن هذه التنظيمات تحاول إفساد حالة الاستقرار التي شهدتها الدولة المصرية، واستطاعت من خلالها العبور من أزمات كبرى بأقل الخسائر، هذه واحدة، أما الثانية، فتتعلق بالصورة السيئة التي كشف عنها مسلسل «الاختيار 3»، حول الجرائم والخيانات التي كانت نهج جماعة «الإخوان» الإرهابية في تعاملها مع إدارة شؤون البلاد، فضلاً عن التسريبات التي فضحت قيادات التنظيم.

أما الرسالة الثالثة، فتتعلق بمحاولة تشويه الإنجازات التي حققتها الدولة المصرية في سنوات قلائل، بما يحقق الاستقرار، ويعيد الأمن في ربوع المحروسة، لا سيما أن جزءاً كبيراً جداً من هذه الإنجازات، يتم تنفيذه شرق القناة، وعلى أرض سيناء الغالية.

تأتي الرسالة الرابعة، لتؤكد أن هذه الجماعة الإرهابية، لم يحلُ لها نجاح الدولة المصرية في تجاوز أزمتين كبريين، يعاني منهما العالم، وهما أزمة «جائحة كورونا»، وتداعيات وارتدادات الحرب الروسية - الأوكرانية، وبالتالي، لجأت هذه التنظيمات، إلى أسلوبها المعتاد في القيام بعمليات إرهابية، ظناً منها أنها يمكن أن تؤثر في عزيمة وإرادة المصريين، بينما الواقع والحسابات والأرقام، والشهادات الدولية، تؤكد أن الدولة المصرية الآن، أقوى في جميع المجالات، السياسية والاقتصادية والأمنية، وأن حالة الوعي لدى المصريين باتجاه الأمن القومي، وإدراكهم لحقيقة هذه الجماعة وأهدافها، بات أمراً محسوماً ومعروفاً، ومن ثم فإن هذا النوع من العمليات الإرهابية، لن يزيد المصريين سوى المزيد من الصلابة والقوة.

هذا الحادث، بمثابة اختبار ورسالة قوية، ليس فقط للدولة المصرية، إنما رسالة إلى كل شعوب المنطقة العربية، فنحن أمام تنظيم يحاول التجريب من جديد في العواصم العربية، محاولاً استغلال التأثيرات السلبية، جراء الحرب الروسية - الأوكرانية، والحرب الاقتصادية التي تعصف بالجميع، من خلال ارتفاع معدلات التضخم، وضعف سلاسل الإمداد.

هنا، لا بد أن نتوقف أمام سلسلة من الإجراءات والخطوات التي يجب على المنطقة العربية بكاملها أن تقوم بها بشكل جماعي، وفي مقدمها: ضرورة التكاتف والاصطفاف العربي في مواجهة هذه التنظيمات السوداء، والضرب بيد من حديد على جميع روافد ومصادر دعمها وتمويلها، فنحن أمام نمط إرهابي عابر للحدود، ومن ثم يحتاج إلى آليات وأدوات واستراتيجيات عابرة للحدود، هذا فضلاً عن إيلاء معركة الوعي، وتحرير العقول، أهمية قصوى، من خلال مزيد من فضح سلوكيات وأكاذيب هذه الجماعات، من خلال أعمال درامية عربية مشتركة، تتناول السيرة الدموية لهذه التنظيمات، والعمل على تفعيل جميع بنود الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، التي وقعت عليها 18 دولة عربية عام 1998، وتدعو بشكل صريح إلى تعاون الدولة العربية في تبادل المعلومات حول العناصر الخطرة والإرهابية، وتضييق الخناق عليها، حتى لا تجد هذه العناصر أي ملاذ آمن للتخطيط، أو لدعم عملياتها في العالم العربي.

أيضاً يجب على الدول العربية، تقديم جميع أنواع الدعم إلى العواصم العربية، التي لا تزال تعاني ويلات العنف والإرهاب، مثل بغداد، ودمشق، وصنعاء، وطرابلس، وسط كل هذه الإجراءات، ينبغي على المجتمع الدولي، إدراك أن عودة الإرهاب إلى الشرق الأوسط، إنما هو خطوة أولى للعودة إلى ممارسة العنف والإرهاب في أوروبا والدول الغربية، وبالتالي، فإن دعم الغرب للمنطقة العربية في حربها ضد الإرهاب، بمثابة حماية لهذه المجتمعات الأوروبية والغربية.

أخيراً، أقول: إن الإرهاب عبر التاريخ، لم يثبت أنه هزم دولة، خصوصاً عندما تكون بحجم مصر، تشكل ربع سكان العالم العربي، لكن هزيمة الإرهاب وتنظيماته، هي البوابة الرئيسة لتحقيق التنمية، ليس في مصر فقط، إنما في المنطقة العربية بكاملها.