ارتفاع التضخم يؤدي إلى تقلبات الأسواق، ويعزى ذلك إلى أن الأسهم تعتمد على توقعات الأرباح في المستقبل، فالتضخم يؤدي إلى تآكل القيمة وارتفاع مكونات الإنتاج من مواد وأجور عمال وطاقة ومخزون، تقوم البنوك المركزية مع كل موجة تضخم برفع أسعار فائدتها من أجل السيطرة على ارتفاع الأسعار العامة، لذا ترتفع تكاليف سداد الديون القائمة وفي الوقت نفسه ترتفع القروض الجديدة الناشئة وتتراجع أرباح الشركات وعوائدها الموزعة، إضافة إلى تراجع معدلات الاستثمارات الكلية في الاقتصاد، ولا سيما من القطاع الخاص.
علينا أن نعرف الدوافع التضخمية من أجل معرفة إذا ما كان ضارا أو نافعا على أسهمنا، فالتضخم الناتج من النمو الاقتصادي، أي زيادة في الطلب، وتحقق حينها كثير من الشركات أرباحا وغالبا يتفوق عائدها على معدلات التضخم، ولا سيما إذا ما كان مدفوعا بثقة المستثمرين بالاقتصاد والحكومة، في مقابل أن التضخم الناتج من ارتفاع التكاليف غير المصحوب بنمو اقتصادي، يشكل نواة لركود تضخمي، ويصبح أكثر سوءا إذا ما تجاوز التضخم معدل عائد الأسهم.
سوق الأسهم مكان ملائم للتحوط من التضخم، لكن لا بد من معرفة طبيعة التضخم، لاختيار الأسهم والقطاعات الملائمة، فأسهم النمو - على سبيل المثال - تتأثر بالتضخم على المدى القصير، في حين أن الأسهم القيادية وأسهم العوائد ذات الديون المنخفضة التي لها تاريخ جيد من حسن الإدارة والتوزيعات المنتظمة أو شبة الدائمة، تعد الأفضل في فترات التضخم، خصوصا إذا ما تمت إضافتها إلى المحفظة بعد موجات التصحيح السعرية الناتجة من تذبذبات الأسواق عند رفع معدلات الفائدة، لأن الأسواق تعيد تقييم القيمة الرأسمالية الكلية دوريا عبر معدل خصم شامل للتضخم والفائدة ونسبة عوائد الشركات والديون لتتوافق مع إجمالي الناتج المحلي. ومن الخيارات الجيدة أيضا أسهم الشركات ذات رأس المال الصغير، التي تحقق عوائد وذات ديون منخفضة وخدماتها وسلعها تقاوم التضخم. يمكننا ملاحظة بعضها في سوقنا، وفي مؤشرات الأسواق الناشئة التي تعدلها دوريا مع موجات التضخم. ومن الأسهم التي تميل إلى أن يكون لها علاقة إيجابية بالتضخم، الأسهم العقارية، لكن بشرط أن يكون لها رؤية وإدارة واضحتين وتاريخ جيد من رعاية مصالح المساهمين، أما أسهم الطاقة فهي الأفضل في هذا الجانب.
يمثل شراء الأسهم ذات الأصول المادية التي تحافظ على القيمة الحقيقية خيارا مثاليا في حالات التضخم الجامح، إما لحماية المدخرات المالية من التلاشي والناتجة من التضخم المدفوع بالتكاليف وليس بسبب نمو اقتصادي، فإن أسهم الشركات التي تبيع مواد غذائية وأساسية وتملك قدرة على تعديل أسعارها بمعدل التضخم نفسه تعد مقاومة للتضخم، أو تلك التي تعتمد بشكل أقل على المواد الخام، كما أن الأسهم غير البنكية التي يعتمد تشغيليها على الديون، فلا تلائم فترات التضخم غالبا.