تشير الدراسات في مجال العلامات التجارية إلى أن وضع علامة تجارية وهوية للمدينة من المفاهيم الحديثة نسبيا، ودورها لا يقتصر على غايات التسويق فحسب، بل تستخدم في معالجة مشكلات اقتصادية واجتماعية، فالتوصيف الدقيق لخصائص المدينة عند تصميم هويتها يساعد لاحقا على معالجة النمو الاقتصادي والبنية التحتية والتنمية الاجتماعية والعمارة والمناظر والطبيعة والبيئة، ثم إن لكل مدينة روحها وقيمتها الخاصة.
توصيف المدينة من خلال خصائصها الجغرافية والاقتصادية والبشرية والثقافية والتاريخية والتعليمية ثم تحويل كل ذلك إلى هوية أو علامة مكانية تجارية تعد من أهم الأصول الاقتصادية، لأنها تعمل على تحسين تنافسية المدينة بطريقة شمولية وفي الوقت نفسه تساعد الاقتصاديين على تصميم سياسات مستدامة للمدينة، إضافة إلى جذب مزيد من الأموال والاستثمارات.
ولهذا الأمر، أي لوجود هوية وعلامة مكانية للمدن فرصة تفتح نافذة للمسؤولين التنفيذيين وقادة أعمال المدن لفهم احتياجات المدينة على مستوى التخطيط المحلي سواء للسياحة أو الاستثمار أو العيش وجودة الحياة أو العمل والإقامة.
كما أن للعلامة المكانية وهوية المدن دورا في تغيير الارتباطات السلبية وجعلها أكثر جاذبية، لأن كثيرا من الإسقاطات والتجارب في الأغلب مشوهة، لهذا تعمل علامات المدن على سد فجوة الواقع والإدراك غير المحسوس، أي أن المدن التي لا يعرفها الناس في الأغلب يتم تشكيل صورها الذهنية وفقا لما يسمعون أو تصورات تعتمد على شخصيات فردية من سكان تلك المدن.
أخيرا: بناء هوية تجارية للمدينة أمر معقد يتطلب فحصا دقيقا لخصائصها وقدراتها التنافسية والبشرية مع تصور مستقبلي شديد الوضوح، إضافة إلى أن سر هوية المدينة الناجحة هو رفاهية المواطنين والزوار والمستثمرين ومدى انسجام الهوية مع آراء سكانها سواء بالمشاركة المباشرة عند تصميم هوية مدينتهم أو قياس انطباعاتهم عن حقيقة هوية المدينة قبل إطلاقها، لأن أفضل من يعزز نجاح هوية المدينة مع الواقع هو مجتمع المدينة نفسه.
كما أن عمليات المراجعة الدورية لعلامة المدينة التجارية وقياس أثرها الاقتصادي والاجتماعي يضمنان الاستدامة والوفاء بالوعود التي تتضمنها هوية وعلامة كل مدينة، فالعلامات التجارية للمدن تجعل المدن تزدهر وتبتكر بفضل تنسيق الرؤى المشتركة والاستفادة من خصائص المكان المادية والثقافية والتاريخية والبشرية من أجل مردود اقتصادي واجتماعي عالي القيمة.