يبدو أنه ليس للصبر حدود، ولا له من نهاية، ولا أمل لأن يكون له هذا الاستحقاق، دليلنا على ذلك الحوار الذي لا يفضي إلى شيء مع إيران، سواء ما يتعلق بالمفاعل النووي، أو التدخل في شؤون دول المنطقة، أو ممارسة الإرهاب ودعمه على أوسع نطاق.

هكذا تبدو الصورة، وينطق المشهد، وتتحدث الوقائع، ولا من مبادرة حقيقية واحدة لكبح جماح هذه الدولة القاتلة، أو عمل يوقف نزوات الحكم الدموي في إيران، الذي يعمل على قاعدة من أمن العقوبة أساء الأدب، وواصل العدوان.

يقولون إن الولايات المتحدة الأمريكية اتخذت مجموعة من العقوبات بحق إيران، وإنها نجحت في تصفير اقتصاد الدولة الإيرانية، غير أن هذه العقوبات لم تحرك شعرة واحدة في رؤوس الإيرانيين القتلة، ولم تمنعهم من تنفيذ أجنداتهم في الأرض والسماء والبحر.

فمازالت إيران تمارس الإرهاب بنفسها، أو بدعمه من خلال وكلائها في كلٍ من العراق وسوريا ولبنان واليمن، بما لا يمكن لأحد أن ينفي ذلك، أو يبرر له، أو يقول بغير ما يحدث من إطلاق الصواريخ على القواعد الأجنبية في العراق، ومثلها من اليمن باتجاه المملكة العربية السعودية، فضلاً عن دورها الدموي والمشبوه في كلٍ من لبنان وسوريا.

وغير ذلك فإن إيران لا تكف عن الاستيلاء على ناقلات النفط في المياه الدولية، والقبض على أطقمها، على الرغم من مخالفة ذلك لقواعد القانون الدولي التي يحمي حرية الملاحة والأمن البحري، دون أن يعبأ الحرس الثوري الإيراني بالتنديدات التي لا تساوي قيمة الورق والحبر الذي كتبت فيه.

أما حوار الطرشان النووي مع إيران، فهذه قصة أخرى تُظهر إلى أي مدى أن الدول الكبرى المشاركة في الحوار مع طهران ليست جادة في وقف التخصيب لليورانيوم الذي يسرّع بإيران لتكون ضمن أعضاء النادي النووي، والاتجاه نحو تهديد دول المنطقة في المستقبل بأكثر مما تفعله الآن.

بمعنى أنه ليس للصبر حدود، فالحوار مع إيران حوار مفتوح، ولا نهاية له، أما تسريع امتلاكها للأسلحة النووية فهذا ما يتم بمعرفة كل من يعطي للحوار معها فرصته مهما كان في ذلك من خدمة لإيران، وضررًا بغيرها، وما تشكله هذه الدولة الإرهابية من خطورة أكبر وأخطر إذا ما تمكنت من تحقيق إنجاز برنامجها النووي.

أقول أخيرًا: إن العقوبات الإيرانية لم تمنعها من ممارسة إرهابها، والاستقواء على بعض دول المنطقة، بل واحتلالها، سواء بوجود قواتها، أو من خلال عملائها، وليس هناك ما يمكن إخفاءه، أو التبرير له، أو التهوين منه، فآثار أجندة إيران بالمنطقة واضحة على الأمن وعدم الاستقرار في كثير من دول المنطقة.