أحدثت رؤية 2030 تغيرات هيكلية في مؤسساتنا وطريقة تفكير القيادات التنفيذية في الأجهزة العامة، وهذا يحتم علينا تعزيز مساراتهم لمواصلة العمل والاستفادة من نجاحاتهم، لأجل ترقية منظومة العمل الوطنية وتحويلها لنظام ديناميكي واستخلاص طرق جديدة لتحقيق مستويات أعلى والوصول للمستقبل في الوقت المناسب دون أي عسر تنفيذي أو تشريعي أو اجتماعي وتقليص آثار نتائج مبادرات التنفيذيين إلى أقصى حد - إن وجدت.
جرت العادة أن مبادرات التنفيذيين تطلق في ظروف ملائمة، لكن أي تغيرات لاحقة ستجعل من الاستدراك والتعديل عملا مؤسسيا رفيعا ولا سيما عندما يكون منشأ التغيرات أمورا اقتصادية طارئة، لأن الاقتصاد يتصف بالآثار التبادلية وبالتغير والتعقيد الذي يصعب على غير الاقتصاديين إدراكها فضلا عن فهمها وتفسيرها، لذا فإن مبادرات التنفيذيين - إن صح التعبير - يتعين في نهاية المطاف أن تنضوي تحت رأي الاقتصاديين، وأعني هنا المنظور الاقتصادي المعتمد على الفكر الاقتصادي ونظرياته من واقع التخصص الأكاديمي والخبرة بتجارب الدول الاقتصادية، علاوة على الفهم العميق للنموذج الاقتصادي الوطني وطبيعته الخاصة والعامة واتجاهاته الاستراتيجية والتاريخ الاقتصادي الوطني، إضافة إلى استصحاب مشورة علماء الاجتماع، ولا أعني بالاقتصاد هنا الاقتصاد القياسي Econometric ونماذجه الاقتصادية Economic Modeling المكيفة لخدمة التنفيذيين بطريقة منفردة لا تحتسب النظرة الاقتصادية والاجتماعية والسلوكية والآثار على كل القطاعات بما في ذلك القطاع العائلي في المديين القصير والطويل أو لا تأخذ بطبيعة النموذج الاقتصادي الراهن، وأشير هنا إلى أهمية استخدام الاقتصاد القياسي ونماذجه كأداة للاقتصاديين وليست للتنفيذيين، بمعنى آخر: إجازة مبادرات التنفيذيين يستسحن أن تكون من الاقتصاديين وقادة الرأي الاقتصادي، مع أهمية الاستقلالية الكاملة عن التنفيذيين.
في الواقع: تراكم خبراتنا منذ 2015 تعادل تاريخنا الاقتصادي لعقود ونحن أمام فرص ذهبية للمواءمة بين الأداء الاقتصادي والمؤسسي التنفيذي وجودة الحياة، لنعكس تقدمنا الحضاري وما وصلنا إليه من خلال التالي، أولا: التنفيذيون في الجهات العامة وظيفتهم اقتراح وتنفيذ المبادرات. ثانيا: الاقتصاديون ووظيفتهم الحكم على المبادرات وقبول أو توضيح آثارها الاقتصادية والاجتماعية ومنع تعارض السياسات الاقتصادية ما بين مبادرات التنفيذيين في جميع القطاعات ووضع سياسات توجيهية واسترشادية عامة واقتصادية، كما يفضل وبصفة دائمة استقلال الاقتصاديين عن التنفيذيين. ثالثا: القانونيون، ويأتي دورهم في استخدام النظريات الاقتصادية في التشريع القانوني للخروج بأفضل ما يمكن في تنظيم السلوك وتأطير العلاقات وإلى أقصى حد تسمح به الظروف الموضوعية. رابعا: الاستراتيجيون يتمثل دورهم في مراقبة الأداء التنفيذي وقياس نتائجه.
أخيرا: حوكمة مبادرات التنفيذيين بزيادة التكامل بين الاقتصاديين والتنفيذيين والقانونيين بهذا الترتيب سيفتح آفاقا جديدة للنمو المثالي ويعالج تباين مستويات التمثيل أمام مبادرات التنفيذيين، وإذا ما كان القطاع الخاص لديه أدواته عبر اتحاد الغرف التجارية، فإن حوكمة مبادرات التنفيذيين ستعالج تمثيل القطاع العائلي وفق التصنيف الاقتصادي، إضافة إلى تحقيق الاستدامة والحوكمة والأداء والأثر الإيجابيين وتكافؤ القطاعات.