أقر مجلس الوزراء، الثلاثاء الماضي، نظام الشركات الجديد. وقبل الحديث عن مزايا هذا النظام، نورد لمحة تاريخية عن الشركات ودورها في قوة الاقتصاد الوطني، ليس في بلادنا فقط وإنما على مستوى العالم، إذ يعود تأسيس أول شركة على مستوى العالم، إلى عام 587 حين أُسست شركة كونجو جومي في اليابان، وهي شركة مقاولات. وفي السعودية، بدأت الأنشطة التجارية من وقت مبكر وأُسست شركات عائلية وحكومية أو مختلطة، مثل: أرامكو، وشركات للخدمات، وأخرى تجارية في مناطق المملكة. واشتهر عديد من رجال الأعمال الرواد الذين أسسوا هذه الشركات في مختلف المناطق، ومنها شركات الكهرباء والغاز والأسمنت وغيرها. وفي جانب الشركات المساهمة، كانت الشركة العربية للسيارات أولى الشركات تأسيسا عام 1932، توالى بعدها إنشاء الشركات بأشكالها المختلفة. وفي السبعينيات الميلادية، تزايدت الشركات المساهمة، ونشأت سوق غير رسمية للأسهم، إلى أن صدر الأمر السامي 1984 بتنظيم التداول، وأسندت مهمة الإشراف على نشاط السوق إلى مؤسسة النقد العربي السعودي حتى إنشاء هيئة السوق المالية في 2003.
بعد هذه المقدمة التاريخية، أعود إلى الحديث عن النظام الجديد للشركات، الذي وُضع بعناية في ضوء أفضل الممارسات العالمية، إذ يهدف النظام إلى تعزيز استدامة الشركات ودعم الاستثمار في الشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال تسهيل الإجراءات والمتطلبات النظامية لتحقيق تنوع أكبر في السوق من خلال إضافة طبقات ومرتكزات للحوكمة، وأشكال جديدة للشركات، ورفع مستوى المرونة في الأنظمة، مع حفظ حقوق المتعاملين، والحد من المنازعات عبر ضمان معاملة عادلة بين أصحاب المصالح. ومن ضمن الأشكال المستحدثة في النظام "شركة المساهمة المبسطة" التي تلبي متطلبات ريادة الأعمال ونمو رأس المال الجريء. ولم يهمل النظام الشركات العائلية لأهميتها، حيث أقر النظام إمكانية إبرام ميثاق عائلي ينظم الملكية العائلية وحوكمتها وإدارتها وسياسة العمل وتوظيف أفراد العائلة وتوزيع الأرباح والتخارج وغيرها لتحقيق ضمان الاستدامة لتلك الشركات.
أخيرا: يهدف نظام الشركات الجديد إلى تحسين البيئة الاستثمارية من خلال تطوير أحكام التحول والاندماج بين الشركات والسماح بانقسام الشركة إلى شركتين أو أكثر، وإصدار أنواع مختلفة من الأسهم، ومنها أسهم للعاملين لجذب الكفاءات وتحفيزهم، كما أزال النظام عددا من القيود في جميع مراحل التأسيس والممارسة والتخارج.
وكما قال الدكتور ماجد القصبي وزير التجارة، فإن النظام الجديد حظي باهتمام شخصي من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، طوال فترة إعداده من قبل وزارة التجارة، وهيئة السوق المالية، التي استغرقت أكثر من عامين ونصف العام، تخللتها دراسة الممارسات الدولية والتحليل وصياغة السياسات ومراجعتها من قبل هيئة الخبراء ومجلس الشورى حتى صدوره ليكون محفزا للمنظومة التجارية وتنميتها.
والمؤمل أن تواكب إعلان هذا النظام المهم حملة لشرحه والتعريف بمستجداته، وربما تأسيس مركز دائم لدعم الشركات يكون دوره تقديم المشورة، وتسهيل الإجراءات لتحول الشركات نحو التطبيق الكامل للنظام، ومساندة الشركات للاستفادة من مستجداته وأعمال إجراءات الحوكمة التي تضمنها.