كان لدى زعماء أكثر من أربعين دولة عضوة في حلف الناتو اجتمعوا في العاصمة الإسبانية، مدريد، نهاية الشهر المنقضي ما يكفي من الأسباب التي تجعل روسيا حاضرة في أذهانهم وفي الملفات التي بحثوها، هم الذين أتوا، مع سابق الإصرار والتعمّد، لتطوير وتعزيز أسباب وإجراءات مواجهتها ومحاصرتها وفرض المزيد من العقوبات عليها، بل وأن يجعلوا منها، رسمياً، «الخطر» الرئيسي الذي يعتقدون أنه يواجه بلدانهم، لكنهم مع ذلك وجدوا عاملاً إضافياً يذكّرهم بخصمهم اللدود، هو طبق «السَلطة الروسية» الشهير.
تفاجأ المسؤولون الغربيون أن ذلك الطبق كان ضمن قائمة وجبات الطعام المقدمة للمجتمعين في مدريد، وفي أجواء «الروسوفوبيا» المهيمنة على أذهان المجتمعين، وهي «فوبيا» تطال كل ما هو رئيسي من الناس حتى الثقافة والفنون والرياضة وغيرها، وجدوا السَلطة الروسية في انتظارهم في قائمة الطعام المعروضة وبسعر يصل إلى 8 يوروهات للوجبة، ما سبّب، حسب وكالة «رويترز»، حالاً من الارتباك وسط المشاركين في القمة.
لمن لا يعرفون مكوّنات السلطة الروسية إليكم هذه المعلومات التي أخذناها من موقع مختص في تقديم وصفات الوجبات المختلفة وطريقة تحضيرها، حيث يحث هذا الموقع على تناولها ك «طبق جانبي بارد وشهي خاصة في الصيف، كما أنها سلطة سهلة التحضير ومكوناتها موجودة في كل بيت»، ولا يستغرق تحضيرها أكثر من نصف ساعة، وهي تتكون من مكونات مسلوقة بينها الذرة، البازلاء، البطاطس، الجزر، يضاف إليها الخردل والمايونيز و«الكاتشب» وعصير الليمون وزيت الزيتون بالإضافة إلى رشتي ملح وفلفل أسود.
رغم ما أثارته السَلطة الروسية من حيرة ودهشة وارتباك أمام المصابين ب«الروسوفوبيا» المتحلقين حول طاولة الطعام في قمة مدريد، حتى أن أحد الصحفيين الحاضرين تساءل: «السَلطة الروسية في قمة «الناتو»؟ أنا مندهش من اختيار هذا الطبق»، فإنهم لم يستطيعوا مقاومة «المحتوى العالي من الكربوهيدرات في الطبق»، التي وجدوها أكثر أهمية من اسمه المثير للجدل، وقد تم بيع كل الكمية في غضون ساعتين.
قمة حلف «الناتو» في مدريد انتهت بتبني استراتيجية جديدة، بموجبها تمّ تصنيف روسيا على أنها «تهديد مباشر للأمن الجماعي» في أوروبا، لكن المشاركين فيها أخفقوا في مقاومة أطباق السَلطة الروسية الشهية، فما عساهم فاعلين حين تغطي الثلوج شوارع ومباني مدنهم وبلداتهم في الشتاء القادم الذي لم تعد تفصلنا عنه سوى شهور قليلة، وتنخفض فيه درجات الحرارة إلى ما تحت الصفر بكثير، والتي يتولى الغاز الروسي المتدفق إليهم عبر الأنابيب تدفئتهم منها، فيما لا زالت أوروبا عاجزة عن توفير بدائل لهذا الغاز، وهي بدائل لن تفي بالحاجة حتى لو تأمن بعضها.