هل تؤثر المعلومات المقدمة لنا سلباً أو إيجاباً على قراراتنا؟ كل من له خبرة في اتخاذ القرار، سيجيب فوراً دون تردد بالإيجاب. إنما أغلبنا لم يفكر كثيراً في درجة التأثير ونوعه. ففي أغلب الأحيان، سنغير قرارنا ليس بناء على المعلومات التي تقدم لنا فحسب، بل بناء على الطريقة التي قدمت لنا أيضاً.

إذا صادفت إعلاناً لأحد منتجات الألبان مثلا، وتضمن العرض المعلومة التالية: نسبة الدهون 20 ٪. وبعد ذلك صادفت إعلاناً آخر لمنتج منافس، إنما تضمن الإعلان المعلومة التالية: خالٍ من الدهون بنسبة 80 ٪. أي المنتجين الذي شعرت نحوه بإيجابية أكثر، المنتج الذي يركز على وجود الدهون، أم المنتج الذي يركز على عدم وجود الدهون؟ في دراسة لمثال مشابه، اختار أغلب الناس المنتج الذي يركز على الجانب الذي يفضلونه، وهو هنا المنتج الثاني.

في المثال السابق قدم كل إعلان المعلومة نفسها إنما بطريقة مختلفة. المنتج الأول مماثل للمنتج الثاني من حيث المعلومات، إنما لم يراع الإعلان الأول تحفيز المستهلك بإعطائه المعلومة التي يبحث عنها. الإعلان الأول يبدو أنه يحذرك من وجود نسبة من الدهون، أما الإعلان الآخر فيشجعك بعرض الجانب الإيجابي وهو خلو المنتج من الدهون. المعلومات نفسها، إنما الإطار الذي استخدم يدفعك للمقارنة لاختيار منتج دون آخر.

ما تفعله الإعلانات هو تأطير لمعلومات المنتج الذي تسوق له. وعلى الرغم من قدرتنا على استيعاب المعلومات التي تقدم لنا بطرق مختلفة بفرزها وتحليلها، إنما نقع تحت تأثير التأطير أغلب الأحيان. ولأن قراراتنا التي نتخذها لا تنال التركيز الذي تستحقه دائماً، فنقرر على البديهة تحت تأثير التأطير. وليس استخدام التأطير مقصوراً على إعلانات المواد الاستهلاكية كما هو معلوم، حيث التأثير محدود، إنما يستخدم في حالات أخطر بكثير.

أصبح من المعلوم أن العقل يميل نحو الخوف من الخسارة وإن كان على حساب المكسب. وبناء على ذلك، فإن تأطير المعلومات لإبراز الخسارة يدفع بمتخذ القرار نحو قرار مختلف لو أبرز المكسب. فلو كان القرار متعلقاً بكارثة بيئية مثلاً، فسيعتمد القرار على عدد الناجين والضحايا. فإذا أبرزت معلومات عدد الناجين فقط، فغالباً سيؤدي للموافقة، أما إذا أبرز عدد الضحايا فقط فسيؤدي إلى الرفض.

مع الخبرة في حالات كثيرة، يُكسر الإطار بعدة طرق منها طلب معلومات إضافية. لكن مهما كانت المعلومات التي تطلب، إذا لم يكن متخذ القرار واعياً للمعلومات والإطار الذي تقدم فيه، فسيقع تحت تأثيره. فأغلب المعلومات التي نستقبلها من وسائل مختلفة تأتي مؤطرة سلفاً.

ولا يقتصر التأطير عند الإعلانات التجارية وقرارت المسؤولين، إنما يشمل المعلومات التي تقدمها وسائل الإعلام. ولأن العقل يخاف من الخسارة ويبحث عن أقصر الطرق لاتخاذ قرار أو أخذ موقف، فهو معرض لقبول المعلومات التي تقدم له دون تمحيص.