استقبلت أسواق النفط العالمية قرار أوبك+ بزيادة إنتاجها بمقدار (100,000) برميل يوميا في سبتمبر المقبل بتراجع أسعارها بـ 3 % في نفس يوم الأربعاء، حيث انخفض برنت إلى 97.29 دولارا وغرب تكساس إلى 91.24 دولارا، وأنهت الأسبوع عند 94.92 دولارا لبرنت و89.01 دولارا لغرب تكساس، رغم إن هذه الزيادة ضئيلة لكنها كبيرة في ظل شح المعروض وتناقص الطاقة الإنتاجية الفائضة لأعضاء أوبك+ وارتفاع الطلب، وهذا قد يحملها مطالب أكبر بزيادة إنتاجها. فما زالت الفجوة واسعة بين إجمالي المعروض والطلب العالمي على النفط بأكثر من 2.800 مليون برميل يوميا هذا العام وأكبر في العام المقبل، وستتسع هذه الفجوة مع بدء تنفيذ الاتحاد الأوروبي إجراءات الحد من وارداتها من النفط الروسي، فمن المتوقع أن يصل الطلب العالمي إلى 100.3 مليون برميل يوميا في 2022 و103 ملايين برميل يوميا في 2023، وفقا لتقرير الأوبك.

إنها أزمة طاقة حقيقية مع عدم قدرة أوبك+ على زيادة إنتاجها الفعلي تماشيا مع زيادة حصصها المقررة لها، وكذلك شركات النفط الصخري التي ما زالت تنتج أقل من مستواه ما قبل الجائحة بمقدار 900 ألف برميل يوميا من أجل تعظيم أرباحها، وهنا نتحدث عن إمدادات النفط وأمن الطاقة بعد تقلص الاستثمارات في عمليات التنقيب والاستخراج وتلاشي القدرات الإنتاجية للمنتجين لمواجهة المخاطر وعدم اليقين مستقبلا، فإن زيادة الاستثمارات النفطية يزيد من إمداداتها، رغم تعارضها مع مطالب مكافحة الاحتباس المناخي، ونقصها يقلص من إمداداتها ويرفع الأسعار واحتمالية الركود الاقتصادي ويحفز الدول المستهلكة على التحول السريع إلى البدائل الأخرى، مما يقصر من عمر النفط ومنافعه الاقتصادية على المدى المتوسط قبل الطويل.

إن العالم يعيش في خضم مغامرات أسواق الطاقة واتجاهاتها المتعددة وخياراتها المحدودة بين المزيد من النفط أو العكس تماما بتقليص مزيجه من مزيج الطاقة العالمية نحو الطاقة النظيفة والمتجددة على المدى الطويل، وهذا له أبعاد اقتصادية خطيرة على الاقتصادات التي تعتمد إيراداتها على النفط قبل توفر الإيرادات غير النفطية البديلة والمستدامة، لذا ينبغي استمرار أوبك+ في موازنة الأسواق في الأجل القصير وتجنب مخاطر المستقبل دون هزات في الأسعار أو الأخلال بمعادلة العرض والطلب في نطاق طاقتها الفائضة، فإن سياسة السعودية والإمارات بالاحتفاظ بطاقة فائضة لمواجهة الأزمات وتلبية الطلب العالمي في حالة الارتفاع الحاد في موسم الشتاء أو لأسباب أخرى غير متوقعة سياسة حكيمة.

إن زيادة أوبك+ لحصصها تعد رمزية ولكنها رسالة واضحة للعالم بأنها لا تسعى إلى احتكار الأسواق العالمية بل إلى استقرارها ومواجهة أي نقص محتمل في إمدادات الطاقة في ظل الظروف الحالية واستعدادها لما هو متوقع مستقبلا، وبهذا يمكن الاستمرار في المحافظة على التوازن عند نقطة تسوية تحفز الاستثمارات وتدعم استقرار وإمدادات النفط في الأجلين القصير والطويل، مع الأخذ في الحسبان ارتفاع معدلات التضخم، قيمة الدولار، إعادة الاتفاق الإيراني النووي، قدوم موسم الشتاء، الأزمة الجيوسياسية، الركود الاقتصادي، مما قد ينعكس سلبا على المستهلكين ويتسبب في تباطؤ الطلب العالمي على النفط.