إعلان المملكة في فبراير 2021 نيتها وقف التعامل مع أي شركة أجنبية ليس لها مقر إقليمي داخل المملكة بدأ يعطي أكله، فقد شرعت كبرى الشركات في نقل، أو التفاوض من أجل نقل مقراتها الإقليمية إلى المملكة ومن ضمنهم شركة هواوي وأبل وغوغل وعلي بابا ومايكروسوفت وآي بي أم وغيرها من الشركات التي ربما يتخطى عددها حتى الآن 50 شركة عالمية.

من جهتها، فإن المملكة ولدعم هذا التوجه وتشجيع الشركات على فتح مقراتها أنشأت بداية الشهر الحالي الهيئة السعودية لتسويق الاستثمار، وذلك من أجل إنجاز العديد من الأهداف أهمها: التكامل والتعاون بين مختلف الجهات المعنية المحلية والأجنبية والارتقاء بجمع الأعمال والخدمات المقدمة لتلك الشركات، إعداد الخطط والبرامج المتعلقة بالتسويق محلياً ودولياً لإغراء رؤوس الأموال الأجنبية بالتدفق على المملكة بصورة أكبر، إدارة المنصة الإلكترونية «استثمر في السعودية» لتكون هوية الاستثمار الوطنية التي يتم من خلالها تعاون وتنسيق العمل بين كافة الجهات الحكومية ذات العلاقة بتشجيع وجذب الاستثمارات للمملكة، تشجيع ودعم الشراكات المحلية والأجنبية التي تستثمر لتحقيق رؤية المملكة 2030.

إن تحول المملكة إلى واجهة جذابة للشركات العالمية هو أمر مهم، وهذه يفترض أن تتحول إلى واحدة من المهام التي تضطلع بها الهيئة السعودية لتسويق الاستثمار حديثة النشأة. فيفترض أن تدخل عامل الترغيب كواحد من العوامل المهمة لتحول المملكة إلى مركز إقليمي للشركات العالمية. وهذا يتطلب درجة عالية من التفاعل بين الهيئة والشركات الأجنبية التي فتحت أو تنوي فتح مقراتها في المملكة. وبدون مبالغة، فإن هذا التفاعل إذ تم، فإنه سوف يغير الكثير من الإجراءات والقوانين التي تراها الشركات غير ملائمة لها. وهذا أمر مهم لنا أيضاً، حتى تتغير بيئتنا وتصبح جاذبة ومشجعة على الاستثمار.

إن تحول المملكة إلى مركز إقليمي للشركات الأجنبية، من شأنه أن يضرب عدة عصافير بحجر واحد. فمن ناحية ستستفيد المملكة من هذا التحول لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة إليها، الأمر الذي سوف يؤدي إلى تنوع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط. الأمر الآخر هو تدريب الكوادر السعودية لتصبح مؤهلة للعمل في مقر الشركات الجديدة. وأعتقد أن هذا أمر مهم. إذ يكفي أن نتذكر الدور الذي لعبته أرامكو في تدريب الكوادر السعودية قبل تأميمها.

من ناحية أخرى، فإن تفاعل الهيئة السعودية لتسويق الاستثمار مع الشركات الأجنبية وترغيبهم في الاستثمار في المملكة، سوف يؤدي إلى تطور البيئة الاستثمارية والمجتمع، وإزالة الكثير من المعوقات التي حالت ولا تزال تحول دون تدفق رؤوس الأموال الأجنبية علينا بالحجم الذي نطمح فيه.