استحقاقات عدة تنتظر لبنان في مجلس الأمن وفي علاقته مع الدول الأعضاء ولا سيما الدول الخمس الدائمة العضوية فيه، لا تقتصر على التجديد لقوات الأمم المتحدة العاملة في الجنوب (يونيفيل) سنة جديدة قبل نهاية آب الجاري. بعض الدول غير الدائمة العضوية تشارك في «يونيفيل»، وتهتم بمتابعة تفاصيل الوضع اللبناني.

فضلاً عن أن هذه الدول تراقب موضوع استحقاق رئاسة الجمهورية وتتفق، رغم الانقسام الحاد بينها حول الحرب في أوكرانيا، على ضرورة إجرائه في موعده من دون أي تأخير، فإن أهم المحطات الأخرى المنتظرة في الشأن اللبناني، تتناول آلية المساعدات للجيش اللبناني، معالجة الغموض في آلية إعطاء الصفة الدولية لأي تفاهم محتمل بين لبنان وإسرائيل على ترسيم الحدود البحرية لتعذر تشريعه في اتفاق قانوني بسبب غياب أي علاقة دبلوماسية بين بلدين في حالة عداء، وأخيراً مطالبة لبنان الرسمي بإعادة النازحين السوريين إلى بلدهم، الخاضعة لتباين بين السلطة اللبنانية وبين الأمانة العامة للمنظمة الدولية وسائر المنظمات المعنية.

تطرح هذه العناوين تحديات على الجانب اللبناني، لا سيما رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي يزور نيويورك. وهو يصلها في 21 أيلول لإلقاء كلمة لبنان في الجمعية العمومية للأمم المتحدة في اليوم التالي (ترتيبه الـ 16 في مواعيد إلقاء رؤساء الدول كلماتهم)، وللاجتماع إلى الأمين العام أنطونيو غوتيريش وغيره.

الملاحظة التي تسجلها أوساط محلية وخارجية أنه في حال انتخاب الرئيس الجديد في مستهل المهلة الدستورية التي تبدأ في الأول من أيلول، وتمتد شهرين، فإن المواضيع التي يمكن أن تُبحث مع الرئيس عون ستكون مختصرة جداً. والبعض في الداخل والخارج يتمنى انتخاباً مبكراً للرئيس الجديد، أي قبل زيارة عون لنيويورك، بحيث يكون وجوده هناك، على الرغم من أن ولايته تنتهي في 31 تشرين الأول، لزوم ما لا يلزم، لأن الأمم المتحدة والدول التي قد يلتقي مسؤوليها تفضّل التعاطي مع الرئيس المنتخب في هذه الحال. إلا أن لا دلائل حتى الآن إلى أن الانتخابات الرئاسية ستحصل بهذه السرعة، خصوصاً أن شبح الفراغ لمدة من الزمن يلوح في الأفق.

في الحالتين، سيكون على لبنان أن يجيب على العديد من الأسئلة الدولية المتصلة بدور الأمم المتحدة اللبناني. وقد يتجاوز لبنان هذه المرة الشروط التي درجت الإدارة الأميركية على إثارتها كما حصل في السنوات الثلاث الماضية، حول التمديد لعمل «يونيفيل»، من نوع خفض عديدها لخفض موازنتها، ودفع الجيش اللبناني إلى نشر وحدات أكثر في منطقة عمليات القوات الدولية، وتمكينها من حرية الحركة وفق التفويض الدولي الممنوح لها، بعدما تكاثرت الحوادث التي تصدّى خلالها مناصرو «حزب الله» لدوريات هذه القوات عند دخولها بعض القرى بحثاً عن السلاح غير العائد للقوات المسلحة اللبنانية.

المشاورات التي سبقت اتخاذ القرار بالتجديد لـ»يونيفيل» خلال جلسة عقدها مجلس الأمن في 21 تموز الماضي، تناولت الخروق للقرار الدولي الرقم 1701. فممثلو الدول الأعضاء على اطلاع على تفاصيل عمل القوات العاملة في الجنوب وما يحيط به من عراقيل ومطبات، خصوصاً أن زهاء نصف عدد أعضاء المجلس الخمسة عشر تشارك دولهم في عديد القوات الدولية، ويتلقون تقارير منها في شكل دائم، تتناول الوضعين الأمني والسياسي. وإدراكهم للتعقيدات المتصلة بالوضع الجيوسياسي الإقليمي يجعل معظمهم متفهمين لما يحيط بتلك العراقيل، وبالتالي يتعاطون بإيجابية في ما يخص التجديد للقوات، لاسيما أنهم ينتظرون عهداً رئاسياً جديداً يطلق مرحلة جديدة تضع البلد على سكة الحلول، لا سيما إذا نجحت مفاوضات ترسيم الحدود.

إلا أن مشاورات الدول الأعضاء، التي قدّم فيها كل من المنسقة الخاصة لأعمال الأمم المتحدة يوانا فرونتسكا ووكيل الأمين العام لعمليات حفظ السلام جان بيار لاكروا، كشفت أسباباً للقلق حيال بعض مظاهر عرقلة عمل القوات، تحتاج إلى توضيحات في شأنها، لجهة خرق الخط الأزرق، منها زرع حاويات في العديد من نقاط الخط الأزرق، قالت جريدة «واشنطن بوست» أمس، إنها أبراج مراقبة تابعة لـ»حزب الله»، يناهز عددها الـ 22 مركزاً. فممثلو هذه الدول في مجلس الأمن سألوا عن سبب زرع هذه الحاويات، وبعضها يبعد 5 أمتار عن الخط الأزرق الحدودي، ما يعيق دوريات القوات الدولية على الحدود، لأن قواعد التنسيق مع السلطات اللبنانية تحظر دخول يونيفيل إلى «أملاك خاصة» من دون موافقة ومرافقة الجيش اللبناني. لم يقتنع هؤلاء بالتفسير الذي أعطي لزرع هذه الحاويات على أنها تابعة لجمعية «أخضر بلا حدود» البيئية، التابعة للحزب. ولذلك سأل أعضاء المجلس عن أسباب تركيز تلك الحاويات، وهل هي فارغة، وإذا لم تكن كذلك، فماذا تحتوي؟ ومن نافل القول إن هذه الأسئلة تهدف إلى معرفة إذا كانت مخابئ لأسلحة ومعدّات عسكرية.