أشرنا مسبقا إلى أن مخاطر الاستثمار في الطاقة المتجددة تتمحور في ثلاثة مكونات رئيسة: مخاطر فنية، ومخاطر تنظيمية، ومخاطر اقتصادية.

وتتمثل المخاطر الفنية في أساس التقنية Technology على أشكال متعددة، وعلى سبيل المثال، يمكن أن تفشل التقنية ويصعب إنشاء محطة طاقة شمسية أو رياح ويتأخر البناء بسبب مشكلات التصاريح، وقد يكون سعر بيع الكهرباء غير معروف أو مجهول في العقد.

ويمكن التخفيف من معظم هذه المخاطر من خلال اللوائح والأنظمة "السياسة العامة" الذكية، كما أشرنا في المقال السابق. لكن خفت مخاطر التقنية إلى حد كبير، حيث تطورت تقنية الطاقة الكهروضوئية الشمسية Solar Photovoltaic، وطاقة الرياح Onshore wind، وأصبحت الآن ذات موثوقية عالية وغير مكلفة، ويتم تأمينها من قبل مجموعة واسعة من المستثمرين ومقرضي تمويل المشاريع.

ولا تزال التقنيات الأخرى تقترب من هذا الوضع في عديد من الأسواق، بما في ذلك الطاقة الشمسية الحرارية المركزة والرياح في عرض البحار Offshore wind.

ويتم التركيز على تقنيات الطاقة المتجددة ذات المخاطر التقنية المنخفضة، ومع ذلك فمن الممكن أن تعاني تلك التقنيات حالة عدم اليقين في السوق في شكل مخاطر أخرى، مثل التنظيمية "التطوير"، والاقتصادية "التسعير".

أما بقية التقنيات مثل الطاقة الحرارية الأرضية أو طاقة أمواج البحر وغيرها، فإن حدة المخاطر بكل أشكالها ترتفع فيها كثيرا، ولذلك يقل إنشاؤها والعمل بها على مستوى العالم.
وتظهر المخاطر التنظيمية في عمليات التطوير Development على ثلاثة أشكال رئيسة: تحديد الموقع، وإصدار التصاريح الضرورية، والوصول أو الربط إلى الشبكة الكهربائية.

وتتمثل أشكال مخاطر تحديد الموقع في نزع ملكية الأراضي، وشروط الاستخدام والحقوق، والوصول إلى الطرق والنقل، والصراعات البيئية أو الثقافية.

ويثير كل صراع حالة من عدم اليقين، وأحيانا ما تكون قيمتها عقدا من الزمان، ويمكن أن تقضي على المشروع تماما.

وإذا اضطر المطور إلى قضاء عدة أعوام في محاولة الحصول على إجابات لأسئلة تحديد الموقع، فهذا يعني ردحا من الزمن دون عوائد ملموسة ومجدية، خصوصا الانتهاء من صلاحية الإعفاءات الضريبية وغيرها.

ويمكن للوائح والأنظمة "السياسة العامة" الذكية التي تمكنها الجهة الحكومية المسؤولة أن تقلل بشكل كبير من حالة عدم اليقين عن طريق التقسيم المسبق للأراضي وإشراك أصحاب المصلحة في وقت مبكر مع وضع متطلبات واضحة وأطر زمنية للتصاريح.

وتظهر العشرات من متطلبات التصاريح الأخرى بمجرد اختيار الموقع والموافقة عليه بما في ذلك الحصول على الأرض "سواء ملكية الأرض أو إيجارها" والالتزام بمعايير البناء، ومتابعة قضايا داخلية، والانتباه إلى معايير الضوضاء، وعدم عرقلة حركة المرور، والتخليص الجمركي، والانتباه إلى معايير البيئة وحماية العاملين والمهندسين، وإحكام مفاهيم واعتبارات السلامة والصحة في المشروع وغيرها.

وعادة ما تكون هذه التصاريح مطلوبة من قبل الجهات الحكومية المحلية، لكن يمكن أن تكون النتيجة هبوب عاصفة عاتية على شكل أعباء ورقية تضيف أعواما مديدة إلى المشروع.

ويمكن للجهة المعنية التي تهدف إلى نشر الطاقة المتجددة - وزارة الطاقة على سبيل المثال - التخلص من هذه الفوضى المكلفة من خلال التفكير المسبق ووضع معايير واضحة والاتصال المباشر مع الجهات الأخرى لأجل تقديم تصاريح سريعة للمشاريع التي تستوفي تلك المعايير، بل التنسيق المسبق من أجل الحصول على إعفاءات قانونية إذا أمكن.

على سبيل المثال، إعفاء مشاريع الطاقة المتجددة من الرسوم الجمركية وتسهيل الشحن البحري، وهذا ما حصل في المملكة بالفعل. إن عملية إزالة المخاطر التنظيمية ليست بسيطة وتحتاج إلى عدة إدارات أو مجموعات خبيرة ومتمكنة يكون لها تأثير عميق في العمل على الحد من تلك المخاطر... يتبع.