أكثر من عشرين عاماً من السياسات الأمريكية في المنطقة التي لم تراعِ فيها واشنطن أمن المنطقة ولا مصلحة الشريك السعودي والحليف الاستراتيجي الذي تلجأ له كلما احتاجت إليه. لقد اتسمت سياسات واشنطن بأنها مدمرة للاستقرار في المنطقة. حيث رعت الربيع العربي وتدمير العراق وعدم إشراك دول المنطقة في المحادثات النووية مع إيران، كذلك موقف أمريكا المحبط من سياسات إيران المزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة. وملف اليمن وسحب صواريخ الباتريوت وحقوق الإنسان في المنطقة العربية التي دُمرت البنية التحتية في بعض دولها وهُجّر أهلها؛ نتيجة هذه السياسات الأمريكية.

في حين أن السعودية قامت بدورها كحليف استراتيجي، واستثمرت المليارات في أمريكا ودعمت الاقتصاد الأمريكي والعالمي واستقرار إمدادات الطاقة، وشراء السلاح الأمريكي الذي كان لصالح الاقتصاد الأمريكي حيث البديل متوفر وبسعر أقل ويكاد يكون دون شروط أو إملاءات.

إن واشنطن تسعى لدمج إسرائيل بالمنطقة وربط أمنها بإسرائيل دون حل القضية الفلسطينية وحل الدولتين الذي تعهدت به أمريكا، وبذلك يستمر أمن ومصير الشرق الأوسط بيد أمريكا وحليفتها إسرائيل.

إيران الخمينية صنعتها أمريكا لجعلها فزاعة تهدف منها واشنطن السيطرة والهيمنة على المنطقة. إن الأمن على الطريقة الأمريكية لن يحقق الاستقرار ولا السلام إطلاقاً دون أن تقدم أمريكا وإسرائيل تنازلات حقيقية لكي يمكن لإسرائيل أن تكون جزءاً من منظومة الأمن في المنطقة.

المصلحة لا يصح أن تكون من نصيب طرف على حساب الأطراف الأخرى. كما يجب مناقشة حقوق الإنسان والديمقراطية بشكلٍ أوسع وليس كما تفرضه أمريكا. نحن نسعى لديمقراطية دولية تمارس فيها كافة الدول حقوقها بالتساوي. وأن حقوق الإنسان لا تعني التدخل في الشؤون الداخلية للدول كما فعلت أمريكا في العراق وغيرها وأدى ذلك لتدمير البلاد وحقوق الإنسان.

إدانة روسيا تستوجب إدانة واشنطن للاحتلال الإسرائيلي، وكذلك الإقرار بالخطأ عن الاعتداء على دولة العراق ذات السيادة وتعويض العراق عن الدمار الذي تسببت به. باختصار يجب أن يكون هناك تحقيق مصلحة مشتركة ومنفعة لكل أطراف العلاقة، فقد أثبتت واشنطن خلال السنوات العشرين الماضية استخدام معايير مزدوجة، وأن صحافتها وإعلامها مسيطر عليه من قبل القوى المالية والسياسية، ويعمل على تحقيق مصالح هذه القوى بعيداً عن الشعارات التي ترفعها واشنطن.

هناك العديد من الملفات الهامة مثل سلامة وأمن الاستثمارات والأصول والأموال الخليجية في أمريكا وأوروبا. وملف الصحة والبحوث البيولوجية وملف البيئة والمناخ، وغير ذلك من ملفات هامة وحساسة تحتاج إلى بحث مؤسساتي لا يتوقف ويتعثر عند تغير إدارة جديدة ولا يرتبط برغبات شخصية ويعتمد على مزاج الإدارة القائمة.

رغبة واشنطن في فرض أجندتها على المنطقة ودمج الكيان الإسرائيلي أمر يتطلب ويستلزم قيام أمريكا وإسرائيل باستحقاقاتهما تجاه القضية الفلسطينية. وبمعنى آخر التوازن والتعادل في الطلبات يتعين أن يكون قائماً على مصلحة حقيقية يجني ثمارها وفائدتها أطراف العلاقة. كما تتطلب المرحلة القادمة البعد عن سياسة الإملاءات والفرض والضغط والابتزاز ونشر النيران والمشاكل. وفي نظري أن أحد أهم الأمور التي ستكون على طاولة البحث السلام والاقتصاد العالمي والتهدئة وعدم التصعيد والبعد عن سياسة الأحزاب التي يدفع العالم ثمناً باهظاً لها، فليس من مصلحة المنطقة استمرار سياسات الهيمنة والسيطرة والاعتداء على الثروات والتدخل في الشؤون الداخلية تحت ذرائع واهية ومعايير مزدوجة. كما أن السعودية ليست طرفاً في الانتخابات الأمريكية يتعين عليها التدخل لمصلحة طرف ضد طرف.

الصداقة والشراكة والتحالف تتطلب المصارحة والعمل الهادف المشترك ونبذ التحالفات التي تثير المشاكل وتؤثر على السلم العالمي والاقتصاد، وكذلك البعد عن التنمر والسيطرة والمعايير المزدوجة، وجعل الهدف المصالح المتبادلة.