اتفقت مجموعة G7 يوم الجمعة الماضية على وضع سقف أعلى لسعر النفط الروسي ومنتجاته، بقصد تقليص العائدات النفطية الروسية، كما أنها ستضع أيضا حظرا شاملا للخدمات التي تمكن من النقل البحري للنفط الروسي ومنتجاته من المنشأ على مستوى العالم ولن يسمح بتقديم مثل هذه الخدمات إلا إذا تم شراء النفط ومشتقاته بسعر أو أقل من "الحد الأقصى للسعر" الذي يحدده التحالف الواسع من البلدان التي تلتزم بالحد الأقصى للأسعار، وهذا يعتبر تدخلا صريحا في حرية السوق وتعطيل ميكانيكية أساسيات السوق من عرض وطلب والتي تحدد أفضل الأسعار للمستهلكين في العالم، إن هذا القرار مضحك ويتنافى مع مبادئ اقتصادات هذه الدول التي تعتمد على حرية الأسواق والمنافسة بتقديم أفضل السلع والخدمات عند أسعار تنافسية، هكذا تشوه السياسة وتؤثر سلبا على ديناميكية أسواق النفط وتزيد من معدل المخاطرة، مما سيحدث مقاومة من منتجي النفط ويتسبب في نقص إمدادات النفط عالميا وارتفاع الأسعار الى أعلى مستوياتها.

إن تحديد هذا السقف لو تم تنفيذه سيقود إلى إعادة صادرات النفط الروسي من خلال طرف ثالث وبيعه عند الأسعار السائدة في أسواق النفط العالمية، وبهذا تعول هذه دول G7 على مشاركة أكبر ثاني وثالث مستوردين للنفط في العالم وهما الصين والهند باعتماد هذا السقف والذي سيبوء بالفشل، لإنهما فعلا يحصلان على خصم 30 % عن أسعار برنت على وارداتها من النفط الروسي، حيث إن روسيا تحاول تعويض أي نقص في صادراتها في ظل الحظر الأميركي والأوروبي على نفطها والذي سيوقف 90 % من صادراتها إلى الاتحاد الأوروبي في 5 ديسمبر 2022، ولهذا سيفشل الحد الأقصى للأسعار قبل أن يبدأ فلا الصين ولا الهند ستكونان طرفا فيه، كما أنها أيضا تعول على زيادة أوبك+ لإنتاجها.

إن استهداف روسيا وهي أكبر ثاني منتج في مجموعة أوبك+ وأكبر ثالث منتج في العالم للنفط ليس بغريب فقد استهدفت هذه الدول الأوبك من قبل واتهمتها بالاحتكار وقامت بمحاربة نفطها تحت شعار مكافحة التغير المناخي، إن ما يحدث اليوم للنفط الروسي قد يحدث لأكبر المنتجين في أوبك+ تحت شعارات مناخية أو احتكارية لإرغامها على زيادة إنتاجها عند أقل الأسعار واستنزاف احتياطاتها النفطية في أقصر فترة ممكنة، مما يعظم مصالحهم الاقتصادية على حساب هذه الدول المنتجة وتنمية اقتصاداتها، إن قرار G7 سيكون له تداعيات على أسواق النفط وعلى خطة الأوبك+ في المحافظة على توازن الأسواق واستقرارها، ولهذا تفاعلت الأسعار لحظة إعلان الحد الأقصى للأسعار بارتفاعها بـ 2.7 % إلى 94.89 دولارا لبرنت وإلى 89.10 دولارا لغرب تكساس، قبل أن تستقر عند 93.02 دولارا لبرنت و86.87 دولارا لغرب تكساس في نفس اليوم الجمعة الماضية.

إن زيادة أو تثبيت أوبك+ لإنتاجها لشهر أكتوبر ستعتبره الـ G7 مساندا لقرارها بتحديد سقفا لسعر النفط الروسي ولن يسهم في استقرار أسواق النفط التي تشهد تقلبات حادة في الأسعار. بينما تخفيض الإنتاج ولو بكمية قليلة سينشط أساسيات أسواق النفط ويعيد التوازن ويحد من أنشطة المضاربين التي تسببت في تقلبات الأسعار وانفصام الأسعار الفورية عن الآجلة، وهذا سيكون درسا اقتصاديا بعيدا عن السياسة لمن يضع حدا لأسعار النفط ويخل بألية السوق التي تحدد أفضل الأسعار في فضاءِ مفتوح.