لأول مرة في تاريخنا الاقتصادي تخطى تكوين رأسمال الثابت الإجمالي 225 مليار ريال في الربع الأول من 2022، و248 مليار ريال للربع الثاني من العام نفسه، بحسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء، وتكمن أهمية التكوين الرأسمالي أنه يلعب دورا حيويا في زيادة معدلات التوظيف والإنتاج عبر الاستثمار، لأن معدل تكوين رأس المال يعد من أهم المؤشرات على زيادة الأصول الإنتاجية والبنية التحتية والتقنية وعدد الكيانات الاقتصادية، وكل ما يؤدي إلى زيادة الاستثمار، كما أنه من المؤشرات الحيوية في نجاح رؤيتنا 2030. وإذا ما استمر معدل التكوين بهذا المستوى، فإننا سنحقق 901 مليار ريال على أقل تقدير بنهاية 2022. ولعل من أهم انعكاسات نمو حجم التكوين الرأسمالي، أنه يزيد من جاذبية الاستثمار المباشر المحلي والأجنبي، وفي الحين ذاته يعد عنصرا من عناصر جذب رؤوس الأموال والثقة برفع رسملة السوق المالية "الأسهم" مستقبلا، والمضي قدما في تحقيق مستهدفنا، لجعل سوق الأسهم السعودية ثالث أكبر سوق عالمية بعد بورصتي أمريكا والصين.

اقتصادنا الوطني نجح في كسب ثقة ائتمانية على الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة دوليا، وانخفاض معدلات النمو العالمي. أكدت وكالة "ستاندرد آند بورز" أن تصنيفنا عند A-/A-2 ومستقر مع نظرة مستقبلية إيجابية، ويرجع الأداء الائتماني إلى قوة الناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى نجاح المملكة في تطبيق سياسات مالية ناجحة وتجاوز تداعيات جائحة كورونا، كما أن الأداء الاقتصادي غير النفطي مستمر في التطور والنمو، ثم إن مؤشرات الاقتصاد الداخلية لا تزال تتحسن بطريقة مستدامة إلى حد بعيد بسبب الإصلاحات الاقتصادية.
إضافة إلى ما سبق، صندوق النقد توقع تجاوز اقتصادنا تريليون دولار بنهاية 2022، وأن معدل نموه في هذا العام الأعلى من بين الاقتصادات العالمية، والأعلى منذ 11 عاما، كما أن الصندوق أكد أن هناك زيادة في وتيرة نمو الناتج غير النفطي، وهذا يعكس نتائج الإصلاحات القائمة على المزامنة بين التنمية والاستثمار والاستدامة. ومن قدرات الاقتصاد السعودي الكلية أنه يعاكس الدورات الاقتصادية العالمية الهابطة والناتجة من تشديد السياسات النقدية على مستوى العالم، ولا سيما أن معظم الاقتصادات سترفع أسعار الفائدة للسيطرة على التضخم. لذا الاقتصاد السعودي قادر على إلغاء المخاطر الاقتصادية للتضخم العالمي عبر قدرته على الاستفادة من التصدير النفطي، وتوليد نمو اقتصادي داخلي مستقل عن الظروف العالمية عبر الإنفاق الداخلي، واستمرار زيادة تكوين رأسمال الثابت الإجمالي.
طاقتنا الإنتاجية الحالية التي جعلت اقتصادنا يصنف ضمن أقوى 20 اقتصادا في العالم ومن الاقتصادات الناشئة الكبرى، 11 مليون برميل يوميا، وعلى الرغم من تلك القدرات الاقتصادية الكامنة، سترتفع بحلول 2027 القدرة الإنتاجية إلى 13.4 مليون برميل التي ستكون الأعلى على الإطلاق، ويعزى ذلك إلى امتلاكنا 17 في المائة من الاحتياطيات المؤكدة من النفط عالميا، واستمرارنا في الاستثمار النفطي، أي أننا على موعد مع تصنيف أعلى... يتبع.