أكدت القيادة الرشيدة في العديد من المناسبات أن المواطن السعودي هو أعظم ما تملكه المملكة، وأن الاستثمار في تطوير إمكاناته وتنمية قدراته هو أحد أهم أهداف رؤية المملكة 2030، التي تشكل منعطفاً تاريخياً عماده الشباب، وهو ما يؤكده برنامج تنمية القدرات البشرية الذي أطلقه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-، والذي يمثل استراتيجية وطنية لتمكين الشباب وتطوير اتجاهاتهم ورفع مستوى قدراتهم، من خلال توفير التعليم الجيد والمستمر، بهدف تطوير المواهب الوطنية وتمكين نقل المهارات والمعرفة للشباب السعودي، وخلق فرص عمل جديدة لقادة الغد.

أثمرت مبادرة "نوابغ المستقبل"، التي أطلقتها دله البركة بالتعاون مع مؤسسة صالح عبدالله كامل الإنسانية، عن تأهّل عشرة نابغين ونابغات للحصول على منح الابتعاث الخارجي في أرقى جامعات العالم، والحقيقة أن هؤلاء النابغين لم يحصلوا على تلك الفرصة الذهبية بالحظ أو بالصدفة، وإنما استطاعوا الفوز بها بعد أن اجتازوا عددا من الاختبارات وقياس المستوى بمعايير صارمة ودقيقة في عدد من التخصصات المهمة، التي يحتاج إليها الوطن وفق دراسات تحليلية في هذا الإطار.

إن تلك المبادرة التي تهدف إلى اكتشاف وتبني النوابغ من أبناء وبنات الوطن في مختلف التخصصات، والاستثمار في مواهبهم وطموحهم ودعم مسيرتهم الأكاديمية، تعد واحدة من أهم المبادرات التي يمكن أن يقوم بها القطاع الخاص، وأعمقها فائدة وأبعدها أثرا، حيث تعد مبادرة عابرة للأجيال، يمتد أثرها إلى الحاضر والمستقبل.

إن الدور الحيوي الذي يلعبه القطاع الخاص في خدمة المجتمع والوطن مهم وفعال، إلا أن دعم العلم والتعليم والموهوبين والنابغين كان من الأنشطة غير المطروقة بصورة واضحة في هذا الإطار من قبل الشركات والمؤسسات الكبرى، وبرامجهم العديدة للمسؤولية المجتمعية، وإنما كان هذا الدور متروكا بالكامل للدولة التي -للحقِّ والإنصاف- لم تقصّر فيه أبدا، بل وبذلت في سبيله الغالي والنفيس، فمن المعلوم للجميع أن حكومتنا المباركة تضع المواطن السعودي محورا أساسيا في جهود الدولة، ليتمكن من تبوؤ مكانته بين شعوب العالم الأول.

وفي هذا الإطار تتأكد قيمة مبادرة "نوابغ المستقبل"، التي تدشن مرحلة جديدة لتعاون كافة قطاعات المملكة مع حكومتها الرشيدة من أجل الاستثمار في عقول أبناء وبنات الوطن، والمساهمة في إنتاج جيل من العلماء والنابهين وأصحاب الأفكار الخلاقة، التي من شأنها أن تضع مجتمعها ووطنها في مصاف الدول المنتجة للأفكار والابتكارات، وهي من أهم الثروات التي يمكن أن يمتلكها الوطن، إلى جانب العديد من الثروات الأخرى التي حباه الله بها، لتتبوأ المملكة مكانتها المستحقة، كدولة قائدة ورائدة ليس فقط سياسيا واقتصاديا، وإنما أيضا علميا ومعرفيا، وهو الهدف السامي الذي يخطط له ولاة الأمر، وها نحن ماضون على الطريق الصحيح.