احتفل شعب المملكة العربية السعودية باليوم الوطني الثاني والتسعين لتوحيدها، هذا الحدث الذي قاده المغفور له الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، والذي مثل انعطافة في تاريخ العالم العربي برمته وغير حياة السعوديين إلى الأبد، ويصعب في هذه العجالة الحديث عن كل منجزات العقود التسعة الماضية، ولكن كانت السعودية على الدوام الرقم الصعب في كل التطورات التي شهدتها المنطقة، نجحت في كل الاختبارات وكانت الجبل الذي تستند إليه الأمة في أقسى محنها. أول نجاحات المملكة هو بناء نظام سياسي راسخ أوجد حالة تماهٍ بين القيادة والشعب، لا تعتمد على الخطاب الدوغمائي وإنما على قواعد وتقاليد عريقة في المجتمع السعودي. ظهرت أنظمة سياسية في منطقتنا ودانت ولكنها سرعان ما أفلت وغابت شمسها وبقيت المملكة شامخة وراسخة. منذ توحيد المملكة وهي تمثل القاعدة الصلبة للعمل العربي. هذا جعل المملكة رقماً صعباً في كل قضايا المنطقة، للدلالة على ذلك لن نذهب بعيداً في التاريخ بل سنكتفي بالأشهر الأخيرة، فقد شهدت المنطقة تطورات مهمة كلها تدل على أهمية الدور السعودي، لعل أهمها هي عودة الأبناء الضالين والذين وجدوا أن لا مناص من الرياض، حاولوا أن يغردوا خارج السرب السعودي ولكن سرعان ما اكتشفوا أنهم يغردون منفردين ومهمشين. وبدون ضجيج، كما هي عادة المملكة، عادوا إلى المسار الذي رسمته المملكة، وأهم معالمه التخلي عن الإرهاب والجماعات الإرهابية وعن الخطاب الغوغائي الذي حاول استهداف قيادة المملكة دون جدوى. بل الأمر تجاوز دول المنطقة حتى وصل إلى بلاد العم سام التي تخلى رئيسها عن كل الخطاب الانتخابي وجاء يطلب ود المملكة. هذا الواقع أفرز قائداً شاباً وصفته الصحافة العالمية بأنه الرجل القوي في منطقة الشرق الأوسط وهو الأمير محمد بن سلمان، وتجلى ذلك على سبيل المثال لا الحصر في الوساطة الأخيرة لتبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا، والتي أدت إلى إنقاذ مواطن مغربي من الإعدام في لفتة إنسانية اعتدنا عليها من سمو الأمير. على الصعيد الداخلي خطت المملكة وخلال فترة وجيزة خطوات جبارة، ربما في دول أخرى تحتاج لعقود تحت راية مشروع رؤية 2030، وهو مشروع وطني سعودي يعمد إلى بناء بيئة استثمارية تنقل المملكة من الدولة النفطية الريعية إلى الدولة المنتجة، والتي ستكون بحول الله مركز الشرق الأوسط الاقتصادي. خطوات الإصلاح التشريعية والاقتصادية والمجتمعية كانت بحاجة إلى قيادة من نوع خاص وشجاعة استثنائية تميز بها الأمير محمد بن سلمان، والتفاف شعبي كبير يفهم حجم التغييرات ويساندها، وهذا ما حدث.

في اليوم الوطني السعودي نبتهل إلى الله العلي القدير أن يجعل المملكة ترفل بأثواب العز والمجد، وأن يحمل المستقبل النمو والازدهار، ونستغل هذه المناسبة لنتوجه إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان وإلى الشعب السعودي فرداً فرداً أسمى آيات التهاني والتبريكات.