قد يكون مرّ بالبعض منا خبر عن دراسة أو بحث علمي، توصل إلى أن ما يحدث في الطفولة من أحداث ووقائع قاسية، لها اتصال وثيق بما نعيشه في حياتنا المعاصرة، ونحن كبار، حيث يعتقد الكثير من الناس، أن ما تعرضوا له في طفولتهم من حدث مؤلم أو فاجعة أو إساءة، قد محاها الزمن، وأنهم تجاوزوها، لدرجة أنهم باتوا لا يذكرونها، والحقيقة أن الواقع مختلف تماماً، حيث الأثر باقٍ في عمقهم، ويؤثر على كثير من قراراتهم الحياتية، بل إنه مرافق لهم بطريقة خفية وناعمة، دون أن يشعروا بهذا الأثر المرضي، الذي يسبب لهم بين وقت وآخر بعض الانزعاج والخوف والتردد.

تقول المتحدثة والمؤلفة والدارسة في مجال العائلات المفككة وتأثيرها على الحياة الاجتماعية، السيدة، لورا ك Laura K. Connell: إنه «وفقاً للأبحاث، فقد واجه ثلثنا حدثاً ضاراً واحداً على الأقل في مرحلة الطفولة، هل تعلم أن حالات صدمات الطفولة هذه تستمر في التأثير علينا كبالغين؟، لا تصف الصدمة فقط طبيعة الحدث، ولكن كيف تؤثر عليك. لذلك، يمكن أن تؤثر نفس الحادثة، على الأشخاص بشكل مختلف بناءً على احتياجاتهم الذاتية ومزاجهم. لا تقتصر الصدمة على الإساءة الجسدية أو الإهمال، يمكن أن تظهر على أنها إساءة عاطفية أو أن تكون شيئاً أكبر من أن يتعامل معه الطفل. ستندهش عندما تعلم أن عيوبك، أو نقاط ضعفك، المتصورة قد تكون في الواقع أعراضاً لصدمة لم يتم حلها».

ما يحدث في الطفولة، من مواقف صادمة، أو أحداث مؤلمة حزينة، أو تجاوز على الطفولة والاعتداء، لفظياً أو جسدياً، تبقى متواجدة، وكأنها حجر تمّ النقش عليه، قلما تستطيع السنوات محوها، لذا علينا جميعاً فهم هذه الحقيقة، وأن ندرك بأن التأثير قد يبقى في عقلنا الباطن، وفي عمق روحنا، وهذا يعني أنه لا فكاك من العلاج، والذي يتطلب أولاً الوضوح مع النفس، وإظهار المشاعر الحقيقية الدفينة، ثم علاجها تمهيداً للتخلص منها. لا يكفي الإنكار أو التناسي، والاعتقاد أننا بخير، بل نحتاج لجلسة، نتذكر تفاصيل ما حدث بوضوح، واستحضارها بشجاعة، ثم محوها تماماً بشكل تدريجي من ذاكرتنا، والهدف، هو أن تبعث برسالة لروحك وعقلك، ولكيانك، بأنك قوي، وقادر على التغلب على تلك الذكرى الأليمة، ولا يمكن أن تصل رسالتك، بادعاء النسيان، بل بالمواجهة.