التوقيت دائماً ينحاز لصناعة الشراكة معاً، من مصر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة تمتد جسور الوحدة، والتماسك في الرؤية والهدف، سواء في نشر السلام والتسامح، أم في إنقاذ البشرية من المخاطر، التي باتت تحاصرها جراء تداعيات التغيرات المناخية.

صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، أكد شراكته وتأييده للنداء العالمي الذي أطلقه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قمة شرم الشيخ للمناخ، بشأن وقف الحرب الروسية - الأوكرانية، موجهاً كلامه لشقيقه الرئيس السيسي قائلاً: نحن معك فيما صرحت به، نحن نحتاج إلى سلام وحوار ووقف الحرب.

هنا تتلاقى الأهداف والرؤية بين البلدين، لتؤكد أمام العالم أن مصر والإمارات دولتان قادرتان على صياغة الدعم الكامل لدول العالم، التي تتعرض لتحديات جراء النزاعات والصراعات، وأن قيادتي الدولتين لديهما القدرة والرغبة الكاملتين على تبريد الصراعات، ليس فقط المنطقة، بل على المستوى الدولي.

نداء الرئيس السيسي لقى ترحيباً قوياً، من شقيقه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، الذي أكد عمق وأهمية دعم المبادرة التاريخية أمام زعماء وقادة العالم.

هكذا جاء النداء الأول بشأن الحرب الروسية - الأوكرانية، أما النداء الثاني فيتعلق بمواجهة مخاطر تداعيات المناخ، فنقاشات شرم الشيخ تؤكد أن هذا المؤتمر سيكون نقطة تحول جذرية في جهود المناخ الدولية.

وأن مصر تستطيع أن تنتقل من مرحلة التعهدات إلى مرحلة التنفيذ، وإن المؤتمر يتبنى القضايا ذات الأولوية في هذا الملف، خصوصاً الذي يتعلق بالقارة الأفريقية والدول النامية مثل موضوعات التكيف، والبناء على مخرجات «جلاسكو» وخطة عمل باريس، هذا فضلاً عن القضية الكبرى، التي تتمثل في حشد التمويل الذي يمثل المشكلة الأعمق للقارة الأفريقية، فالتحديات التي تواجهها من الفيضانات إلى الجفاف إلى التصحر، تقود شعوب القارة إلى الهجرة، لا سيما أن التغيرات المناخية أثبتت، أنها تلعب دوراً كبيراً في قضية الهجرة، وليس الأزمة الاقتصادية فقط.

فعلى سبيل المثال نجد أن السواحل التي تتعرض لمخاطر جراء ارتفاع منسوب سطح البحر، تدفع شعوبها إلى الهجرة، الأمر الذي يضاعف من حدة الأزمة الأفريقية، بل ينذر - حسب دراسة حديثة - بأنه سيتم تهجير حوالي 86 مليون شخص داخل أفريقيا بحلول عام 2050، وأنه أيضاً حسب تقديرات البنك الدولي، فإنه بحلول عام 2050 من المتوقع أن يقوم حوالي 38.5 مليون شخص، بالهجرة داخل بلدان حوض بحيرة فيكتوريا، بسبب عوامل المناخ، وحوالي 32 مليون شخص من دول غرب أفريقيا، سينتقلون داخل بلدانهم.

المناخ قضية خطيرة تهدد الكوكب، قمة شرم الشيخ تمثل مفتاحاً رئيسياً، واختراقاً عالمياً لمواجهة واقع المناخ، والتعامل الواقعي مع تداعياته، وآثاره السلبية على الأجيال القادمة.

الدولة المصرية أطلقت الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050، مستندة إلى مبادئ عدة، في مقدمتها خفض الانبعاثات في مختلف القطاعات، وتحقيق نمو اقتصادي مستدام، وتخفيف الآثار السلبية للتغيرات المناخية، الأمر الذي صاغ حالة من الجدية، دفعت العالم، لأن يدرك قدرة مصر وقيادتها السياسية في إدارة مؤتمر عالمي بهذا الحجم، في توقيت يئن فيه العالم من تحديات بالغة الصعوبة على مختلف المستويات.

فليس خافياً على أحد من شعوب العالم، ما حدث من مآس مناخية خلال عام 2021، من تغيرات تمثلت في ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق، وفيضانات وحرائق مدمرة، الأمر الذي دفع الأمم المتحدة إلى إصدار تقرير، يحذر من مستقبل وصفته بالأسوأ، إذا لم يتم اتخاذ إجراءات جوهرية من شأنها إنقاذ الكوكب.

أخيراً استطيع القول إن نداء شرم الشيخ، سواء المتعلق بإيقاف الحرب الروسية - الأوكرانية، أم المتعلق بمواجهة التحديات المناخية، إنما هما نداءان يضعان العالم أمام مسؤولياته وواجباته، من أجل إنقاذ الشعوب التي باتت تحاصرها أعاصير الخطر الذي يسهم فيه الإنسان بشكل كبير.

لذا، فإن مؤتمر شرم الشيخ للمناخ، يقود الضرورات البشرية إلى دائرة اتخاذ القرار، لا سيما أن جدول أعمال المؤتمر استطاع إقناع قادة وزعماء العالم، بحجم الخطر الذي يحدق بالكوكب ويهدد مستقبل البشرية، خصوصاً أن تداعيات التغيرات المناخية تتزامن مع تحديات مفصلية أخرى يمر بها العالم.

تحدثت شرم الشيخ وقالت كلمتها أمام العالم، ولم يتبق سوى التحرك الإيجابي، والانتقال العالمي من مرحلة التعهدات إلى مرحلة التنفيذ.