مع انطلاق مونديال قطر لنهائيات كأس العالم، تتجه الأنظارُ ابتداء من اليوم نحو منطقة الخليج التي تشترك مختلف دولها في الاستفادة من الثمار المتوقعة من هذا الحدث، ومن تسليط الضوء عليها وعلى ثقافتها المحلية الأصيلة التي لم تشكل عائقاً أمام إحداث نقلة كبرى في مجتمعاتها، على مستوى التحديث والاندماج بالعالم ولعب أدوار مؤثره في الاقتصاد العالمي والسياسة الدولية. ولطالما كان المونديال طوال تاريخه حدثاً عالمياً بارزاً يتجاوز الرياضة إلى الاقتصاد والسياحة والثقافة، حيث تلجأ وسائلُ الإعلام المواكبةِ للحدث إلى التركيز على البلد المستضيف في سياق التغطيات الإعلامية التي لا تقتصر على متابعة نتائج المباريات بين الفرق المتأهلة فقط.

وبالنظر إلى المنافسات الحادة المتوقعة بين الفرق المتأهلة من قارات العالم، لن تكون حظوظ المنتخبات العربية المشاركة محل مراهنة يعتد بها أو يتوقع منها تحقيق معجزات في موسم كروي بحجم كأس العالم، لكن التعويل سيتركز على أبعاد استضافة المنطقة لهذا الحدث الذي يجمع أمم الأرض كروياً، ما يجعل دول الخليج ومنطقة الشرق الأوسط تحت الأضواء.

وبحكم الجوار الجغرافي والامتداد الاجتماعي والثقافي الواحد الذي يربط بين دول الخليج، لن تكون قطر وحدها في بؤرة المشهد، رغم أنها البلد المستضيف، بل سيكون للمنطقة بكافة دولها حضور عالمي يجعل من المونديال فرصةً ذهبيةً لتغيير الصورة النمطية المتداولة في الغرب حول هذه الرقعة المهمة من العالَم، حيث ظل الإعلام الغربي والنخب الغربية في حالة اجترار دائم لتوصيفات غير دقيقة حول المجتمع الخليجي.
وعلى المستوى الاقتصادي، رصدت التقاريرُ العالمية منذ ما قبل انطلاق المونديال مؤشرات الازدهار المتوقع في قطاع السياحة بدول المنطقة، بفعل الأمواج البشرية الهائلة من المشجعين الذين تستمر حركتهم قبل وأثناء وبعد المونديال، ما يعزز من اقتصاد دول المنطقة ويرفع من معدلات أرباح شركات الطيران وقطاع الضيافة والفنادق والخدمات العامة.

ومن حيث الفوائد التي يمكن أن تجنيها الإمارات من المونديال، كانت تقارير اقتصادية عالمية قد توقعت أن يصل إلى منطقة الخليج أكثر من مليون مشجع رياضي، ستكون قطر وجهتهم لحضور المباريات، لكنها لن تستوعب هذه الأعداد في وقت واحد، ما يعني توزع القادمين على دول الجوار التي توفر لهم خيارات الإقامة خلال فترة المونديال، والتنقل الجوي السلس والمكثف إلى قطر في الأوقات المناسبة للمباريات التي يرغبون في متابعتها.

وجاء نصيب الإمارات في مقدمة التوقعات بتفضيل جمهور المونديال لها كوجهة سياحية ومحطة انطلاق لحضور مباريات الفرق التي جاؤوا خصيصاً لتشجيعها، حيث كشفت التقارير أيضاً عن جاهزية مطارات المنطقة لتسيير أكثر من 90 رحلة جوية يومياً إلى قطر، يتوقع أن يكون نصيب مطارات الإمارات منها 40 رحلة في اليوم على مدى أيام المونديال.

وتتمتع قطر مثل غيرها من دول الخليج بإمكانيات مالية ضخمة أتاحت لها الاستعداد لاستقبال هذا الحدث الكروي البارز، والإنفاق عليه بسخاء يفوق أي دولة أخرى استضافت المونديال طوال تاريخه، لكن هذا الحجم من الإنفاق يجعل من العائدات المتوقعة التي ستجنيها قطر من المونديال لا تغطي إلا القليل من الأموال التي بذلتها لتشريف المنطقة العربية باستضافة الحدث.

فيما جاءت المؤشرات الاقتصادية لتكشف أن العوائد المجزية ستذهب لجيران قطر ودول أخرى في المنطقة، وخاصة أن حجوزات تذاكر السفر من الإمارات كشفت عن احتضانها النسبة الأكبر من القادمين إلى الخليج لمتابعة المونديال، ما دفع الإمارات إلى الاستعداد مبكراً للاستفادة من الحدث ومساندة قطر في إنجاح البطولة من خلال تسهيل مضاعفة الرحلات الجوية بين الإمارات وقطر، وغير ذلك من المبادرات.