في كل يوم، وتحت مظلة رؤية 2030، تؤكد القيادة الرشيدة أنها عازمة على تطوير جميع المناطق، والانتقال بها إلى أبعد نقطة من التحديث والازدهار النوعي، الذي يحقق للمملكة وشعبها جميع الأهداف والتطلعات التي جاءت بها الرؤية، ولم يقتصر الأمر على المشاريع العملاقة التي أعلنت عنها القيادة الرشيدة فترة بعد أخرى، وإنما كانت هناك برامج تطوير نوعي، خصت بها القيادة المناطق والمدن والمحافظات.

ورغم أن اهتمام القيادة بمناطق المملكة ومدنها كان واضحاً في الفترة الأخيرة، عبر تأسيس هيئات ومكاتب تطوير في عدد منها، إلا أن قرار مجلس الوزراء الأخير، باعتماد التوجه التنموي لجزيرة دارين وتاروت في محافظة القطيف بالمنطقة الشرقية، يؤكد شمولية الاهتمام الرسمي، واعتماده على دراسات ميدانية وتوصيات مهمة، أثبتت على الأرض مكانة هذه الجزيرة التاريخية والسياحية والبيئية، وإمكانية استثمار ما تتمتع به من مزايا نسبية، في مشاريع عملاقة، قادرة على جذب استثمارات ضخمة، تنعش اقتصاد المنطقة، وتوفر آلاف الوظائف لشباب المنطقة الشرقية عامة، والجزيرة على وجه الخصوص.

التوجه التنموي للجزيرة، هو ثالث مشروع تطويري تشهده المنطقة الشرقية، بعد إنشاء هيئة تطوير المنطقة الشرقية، وهيئة تطوير الأحساء، وهو ما يعكس اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بتطوير مدن ومحافظات المناطق كافة، والارتقاء بها اقتصادياً وثقافياً وعمرانياً، تحقيقاً لرؤية 2030، وفي الوقت ذاته، يؤكد حرص القيادة الرشيدة على النهوض بمستوى الخدمات المقدمة للمواطن والمقيم.

ضخامة مبادرة جزيرة دارين وتاروت، والميزانية المرصودة لها، والتي تتجاوز 2.6 مليار ريال، تعكس وبوضوح، حجم تطلعات القيادة الرشيدة تجاه هذه الجزيرة الاستثنائية، والرغبة في تطويرها بآليات علمية دقيقة، تحفظ للمنطقة أماكنها الأثرية وتاريخها الضارب في أعماق التاريخ، والأهم من ذلك، استثمار هذه المزايا اقتصادياً، في صورة مشاريع سياحية، تجذب الاستثمارات والسياح على مدار العام.

ولا أبالغ إذا أكدت أن الآلية المعلنة في تطوير المناطق والمدن، عبر استثمار الإمكانات الطبيعية لكل منها على حدة، يبعث فينا كمواطنين الكثير من الاطمئنان من جانب، ويعزز ثقافة اقتصاد المدن من جانب آخر، وهي ثقافة اعتمدها الغرب قبل عقود طويلة، ويجني من ورائها اليوم الكثير من الثمار اليانعة، وجاء اليوم لنشر هذه الثقافة في مملكتنا الغالية، وتحويل مدنها ومحافظاتها إلى مراكز اقتصادية عملاقة، يشع منها نور الحضارة المستمدة من امتزاج الأصالة بالمعاصرة.

أعيد وأكرر ما سبق أن ذكرته في مقالات سابقة، بأنني متفائل كثيراً بمستقبل مدن المملكة، وما سوف تشهده من تطوير استثنائي وشامل في الفترات المقبلة، بعد أن تكتمل مخططات التحديث التي ترسمتها هيئات التطوير، وهي مخططات اعتمدت على تعزيز العلم الحديث، في المحافظة لخدمة الأماكن الأثرية والتاريخية، واستثمارها في مشاريع الاقتصاد لضمان الاستدامة والديمومة، وهو توجه رائع، تقوم عليه رؤية 2030 في كل خطوة تخطوها.