...والجلسة التاسعة لن تحمل جديداً يُذكر في شأن انتخاب الرئيس الجديد. مثل الجلسات السابقة ستنشغل وسائل الإعلام بالعدّ: كم نقصت الأوراق البيض أو زادت وكم نقصت أو زادت أصوات النائب ميشال معوض وعدد الذين صوّتوا للبنان الجديد، إلى غيرها من الأوراق الملغاة أو التي تصبّ لاسم من هنا أو اسم من هناك مع شيء من السخرية السوداء.

سيكلّلها توسع دائرة التعطيل للمؤسسات الدستورية. فإبقاء الفراغ الرئاسي لا يعني اقتصار التعطيل على انتخاب الرئيس الجديد، بل يتعداه إلى حاجة البلد لتسيير أموره عن طريق قرارات من مجلس الوزراء سواء في شأن الكهرباء، أو في ما يخص قضايا حياتية تمس المواطن أينما كان، صحياً وفي المستشفيات وتسعيرة غسل الكلى وأدوية السرطان، أو في شأن تحديث التسعيرة في قطاع الاتصالات ورفع السعر الرسمي للدولار، جمركياً كان أم مصرفياً...

فضلاً عن أنّ الشغور الرئاسي تسبب بخلاف حول قانونية التشريع في البرلمان، فإن تأكيد بعض الكتل النيابية أنه يجب ألا يشرع لأنه يفترض أن يكون في حال انعقاد دائم لانتخاب الرئيس، قبل أي أمر آخر، حتى لو كان الأمر من أجل تشريع الضرورة، عاد الخلاف على إمكان عقد جلسة لمجلس الوزراء من أجل اتخاذ قرارات ضرورية إلى الواجهة، مع إعلان "التيار الوطني الحر" رفضه دعوة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي المجلس إلى جلسة لاتخاذ قرارات في بعض المسائل الملحة. فقرارات ومراسيم الضرورة في مجلس الوزراء، تخضع للسجال المتوقع سلفاً بحكم عرقلة تشكيل حكومة أصيلة.

سبق انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون الذي جهد من أجل إنهاء تكليف الرئيس ميقاتي تشكيل الحكومة، لعله يقوم بتكليف غيره، لتأليف الحكومة التي يرتاح إليها صهره النائب جبران باسيل، خلال تسلمها صلاحيات الرئاسة أثناء الشغور الذي كان الجميع يتوقعه، اتفاق على ألا يدعو ميقاتي إلى اجتماع لمجلس الوزراء، يستفز أحداً، إلا للضرورة وبعد التشاور مع سائر الفرقاء. دقّت ساعة الضرورة، ويقوم رئيس الحكومة بالتشاور مع الكتل بعدما تداول مع رئيس البرلمان نبيه بري، فلم يمانع هو و"حزب الله"، فعاجله باسيل ببيان أول من أمس بموقفين متناقضين، الأول دعاه فيه إلى أن تمارس الحكومة صلاحياتها، والثاني اتهمه فيه بأنّه "يعدّ لمراسيم غير دستورية ويصدر قرارات غير شرعية بصلاحيات لا يمتلكها"، وبأنّه يمارس "الابتزاز"، باسم القضايا الملحة.

ومع أن "التيار الحر" شدد على أولوية انتخاب الرئيس، فإنّ بعض قادته يقرون بأن لا مهرب من انعقاد مجلس الوزراء مع إطالة أمد الفراغ الرئاسي لأن لا بديل عن اتخاذ بعض القرارات. ولو كانت هناك ضمانات بأن الفراغ الرئاسي قصير لكان أمكن الاستغناء عن اجتماع مجلس الوزراء، فيما كل شيء معطل في البلد، رئاسياً وحكومياً.

السجال حول دعوة الحكومة إلى الانعقاد هو فصل جديد من فصول الملهاة عن الفراغ الرئاسي. وربما جاء التشدد في الاعتراض على دعوة ميقاتي إلى أنه أعلن مرتين دعمه ترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية للرئاسة، الذي يرفضه "التيار الحر". وفضلاً عن أنّ هذه الدعوة يمكن أن تخضع لبازار القرارات التي ستتخذها، إذا انعقدت، فإنّها أعادت إلى الواجهة أيضاً ما يثار حول مطالبة البعض بأن تشمل التسوية على الرئيس الجديد هوية واسم رئيس الحكومة المقبل. وفي وقت يقول متابعون إن ميقاتي تقصّد دعمه لترشيح فرنجية أملاً بالعودة إلى الرئاسة الثالثة، ولأنه يمكن أن يكون مع رئيس "المردة" نقطة تقاطع فرنسية، تنفي أوساطه ذلك وتحيل السائلين إلى ما قاله في حديثه التلفزيوني الأخير بأنه يفضل البقاء خارج الحكم.

في كل الأحوال اقتحم السجال حول رئيس حكومة العهد الجديد الاستحقاق الرئاسي في شكل مبكر مع الحديث عن تفضيل قوى خارجية طاقماً جديداً من الرئاسة الأولى والثالثة والوزراء، رغم أنه استباق لتسلسل الاستحقاقات.