تجري العديد من بلدان العالم، ومن ضمنهم الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة وأيسلندا وغيرها، دراسات جدوى تقليص أيام العمل الأسبوعية من 5 إلى 4 أيام دون المساس بالرواتب، ففي المملكة المتحدة هناك ما يقارب من 70 شركة، تضم 3300 موظف تجرب العمل 4 أيام في الأسبوع، أي 80 % من أيام العمل التي يعملها غيرهم، ويشارك الشركات تجربتها جهات علمية منها «4 داي ويك جلوبال» وباحثون من جامعتي أكسفورد وكمبردج وكلية بوسطن وخلية التفكير «أوتونومي». وحسب النتائج الأولية التي تم نشرها، فإن الشركات مرتاحة للنتائج التي حصلت عليها، فإنتاجية الموظفين إما أنها لم تتغير أو تحسنت مقارنة بما كانت عليه عندما كانت أيام العمل 5 أيام. أما في أيسلندا، فإن نجاح التجربة قد أدى إلى تغيير في تشريعات عقود العمل، بحيث أصبح 86 % من المجتمع العامل في هذا البلد، يعمل ضمن عقود مرنة، ينص بعضها على تقليص ساعات العمل.

وهكذا فنحن أمام ظاهرة سوف تتوسع على ما يبدو، والسبب يعود إلى أن فكرة تقليص أيام العمل الأسبوعية إلى 4 أيام ليست بلا أساس، فالذين يعتقدون أن العمل 5 أيام في الأسبوع هو من المخلفات البغيضة لعصر اقتصادي قديم، يأخذون بعين الاعتبار التغيرات التي طرأت على الاقتصاد في الفترة الأخيرة بعد ظهور الاقتصاد الرقمي. وهي تغيرات كبيرة وموضوعية، فبيئة العمل في مصانع النسيج والملابس، أو في المناجم، رغم التطور الذي طرأ على الآلات المستخدمة، مختلفة عن تلك التي تسود في شركات التواصل الاجتماعي مثل «تويتر»، أو في شركات الاقتصاد التعاوني كما هو في «أوبر» أو شركة «إير بي أن بي» التي تعمل في مجال تأجير الغرف السكنية.

من ناحية أخرى، فإن جدوى أي تجربة في ظل العولمة لا يمكن التأكد من صحة نتائجها، إذا ما اقتصرت على عدد محدود من البلدان، ففي نهاية المطاف ما يمكنه أن يعطي نتائج إيجابية في أيسلندا التي لا تتعدى مساحتها 103,000 كم2 وعدد سكانها حوالي 295 372 نسمة قد لا يؤدي إلى نفس النتائج في الهند أو الصين وإندونيسيا وبنغلادش، ذات الكثافة السكانية، فهذه البلدان حصلت على الميزة النسبية التي تتمتع بها، بفضل التوسع في الاستخدام المكثف لقوة العمل الرخيصة.

وعلى هذا الأساس، فإن العالم ربما ينقسم إلى بلدان اقتصادها قائم على أساس الاستخدام الواسع للتكنولوجيا الرقمية ورأس المال وتعمل 4 أيام في الأسبوع، وبلدان تعتمد بشكل كبير على اليد العاملة الرخيصة وترى أن من مصلحتها العمل 5 أيام في الأسبوع.