ما انفكّ الغرب، والولايات المتحدة الأمريكية في مقدمته، يلوم، بل ويُقرع، منظمة «أوبك بلاس»، لأنها، حسب زعم هذا الغرب، أعطت لنفسها الحق في تحديد أسعار النفط عالمياً وكذلك كميات الإنتاج والتصدير، مع أن هذا الغرب، خير العارفين أن دافع المنظمة نحو ذلك هو حرصها على التوازن في السوق العالمية، وحمايتها من الفوضى، كون المنظمة ائتلافاً بين أهم الدول المنتجة للنفط، وأنها تتصرف بمسؤولية وعقلانية مراعية مصالح الشركاء المختلفين، منتجين أو مستهلكين، وهو ما جعلها ترفض ما حاول الغرب فرضه عليها من إملاءات في الفترة الأخيرة.

لكن هذا الغرب، الأناني جداً، أعطى نفسه الحق في فرض سعر على سعر نفط إحدى أهم الدول المنتجة، أي روسيا، لأن له رأي مختلف حول النزاع الجاري في أوكرانيا، واستمراراً في فرض العقوبات على موسكو لابتزازها وحملها على الرضوخ لشروطه في إنهاء ذلك النزاع، ومع أن الذريعة هنا هي معاقبة روسيا، لكن خطوة مثل هذه سيكون لها، حسب الخبراء والمختصين، الكثير من التبعات.
القرار أظهر مجدداً حجم الاختلافات وعمقها في المعسكر الغربي، وما تحديد سعر النفط الروسي ب60 دولاراً إلا حل وسط بين الدول الأوروبية، وهو لا يلبي شروط الأشد تطرفاً من هذه الدول، التي أرادت ألا يتجاوز سعر برميل النفط الروسي 30 دولاراً، لكن منطق المصالح والبراغماتية غلب في النهاية، ولم يتم الرضوخ لابتزاز بولندا والدول التي على رأيها، ما جعل بعض المراقبين يميلون إلى القول بأن هذا القرار لا يتجاوز حدود «حفظ ماء الوجه» بالنسبة للأوروبيين، لأنه، بالسعر الذي تمّ الاتفاق عليه، لن يكون له التأثير المتوخى في الاقتصاد الروسي.
من جانبها، لم تقلل موسكو من «خطورة» القرار، كونه يندرج في إطار تصعيد غربي ضدها، ولأن لكل فعل ردة فعل، فإنها أكدت أنها ستواصل البحث عن مشترين آخرين لنفطها، وهذا ما سينجم عنه تأثيرات عكسية في أوروبا، تذكرنا ب«العقوبات» التي فرضتها روسيا على الدول التي وصفتها بأنها «غير صديقة»، شملت دفع مقابل إمدادات الطاقة بالعملة الروسية، الروبل، وحسب خبراء فإن القرار الأوروبي قد يعطي الرئيس الروسي العذر كي يقوم بوقف عمليات بيع النفط الروسي إلى أوروبا، وفي حال حدث ذلك سينقلب السحر على الساحر فعلاً.