كان فقراء القبائل الهندية البرازيلية لاعبي كرة قدم بالطبيعة وبالفطرة، وبعض هؤلاء الفقراء السود أو الملوّنين أصبحوا في ما بعد من نجوم العالم وبموازاة نجوم السينما والفن والاقتصاد.. لكن كيف كان يلعب هؤلاء؟.. يقول اليكس بيلوس في (كرة القدم.. الحياة على الطريقة البرازيلية) إنهم كانوا يلعبون بالجوارب المحشوة بالقماش وحبّات البرتقال الكبيرة أو حبّات الفاكهة الكبيرة لتحل محل كرة القدم التقليدية، وتُظهر صورة في الكتاب أحد لاعبي فريق إحدى القبائل الهندية ينفذ عقوبة الحكم بأكله حبة من الليمون، ويلعب معظم لاعبي تلك الفرق حفاة.


يصل وَلَع البرازيليين بكرة القدم إلى إقدام المشجّعين على تفجير قنبلة تحية لفريقهم عند دخوله إلى أرض الملعب.. حدث هذا فعلاً، كما يروي اليكس بيلوس في افتتاح نهائيات مدينة ريو عام 1944، وكانت قنبلة حقيقية فعلاً فجّرها أحد مشجعي نادي فلامنغو ويدعى خايمي دي كارفالو «.. كان يحضر إلى المباريات مرتدياً ألوان فريقه ومسلّحاً باللّافتات والأعلام التي كانت تصنعها له زوجته..»، ويضيف بيلوس أن المشجّع كارفالو أنشأ مع بعض أصدقائه فرقة موسيقية نحاسية عام 1942 لتعزف على المدرّجات في أثناء المباريات.


يربط بيلوس بين ارتداء المشجّعين البرازيليين ألواناً موحدة تتعلّق بالفريق الذي تشجّعه وبين ظاهرة العنصرية الطاغية في المجتمع البرازيلي بين السود والبيض والملوّنين، إذْ يرمز ارتداء المشجّعين للون واحد إلى رغبة البرازيليين في القضاء على العنصرية والتفاوت الاجتماعي بين الطبقات.


يؤلف البرازيليون مهرجاناً من الألوان والموسيقات وقرع الطبول والغناء تشجيعاً للّاعبين في الدرجة الأولى، لكن في العمق النفسي لظاهرة المهرجانية البرازيلية هذه يكمن حسّ وطني شعبي يتعلق أساساً بهوية هذا الشعب متعدد الأعراق، ويقول بيلوس «.. بما أن كرة القدم تشكل السمة البارزة في الهوية الوطنية البرازيلية، فإن إخفاء الفروق الصارخة بين الأعراق والطبقات يمنح الجماهير هذا الشعور بوجود البرازيل المُفَضَّلة التي تحتضن الجميع من دون تمييز..».

ليست هذه الملاحظة نتاج الاستقصاء الميداني الذي قام به إليكس بيلوس بين القبائل الهندية وكافة الطبقات الاجتماعية في البرازيل فقط، بل هي ملاحظة علماء الاجتماع أيضاً وعلماء النفس في البرازيل وفي أمريكا اللّاتينية بشكل عام، حيث تتحول لعبة كرة القدم إلى سلوك وطني شعبي ينظف الإنسان من عنصريته، ويحوّله إلى إنسان في خفة طيران كرة القدم.