الأرقام هي التي تتحدث، ومن منطوقها ودلالاتها نتعرف على الواقع، ونستحضر الحقيقة، وننقل منها ما يؤكد سلامة قرارات المملكة، ومنها -أيضاً- نستلهم الشكل المفرح الذي ستكون عليه المملكة مستقبلاً، وما من أحد يعاند الأرقام، أو يعادي الحقائق، أو يواجهها بمن لا بضاعة عنده لإقناع غيره.

الأرقام هي حجة المملكة فيما هي عليه الآن، وبما ستكون عليه في المستقبل، وبالأرقام نعوّل كمواطنين على المستقبل، ومنها وبها ننتشي، لأن بلادنا تسير في الطريق الصحيح، وجمال هذه الأرقام أنها ذهبية من سنة لأخرى، نسبة لضخامتها، وأنها موثقة بالنتائج المبهرة التي تشاهدها العين.

أمس الأول كان المواطنون على موعد مع أرقام كبيرة وعظيمة في ميزانية الدولة الجديدة؛ فقد كانت ميزانية ضخمة في إيراداتها ومصروفاتها والفائض منها، ولن يجد مختص، حين يتصفحها ويدققها ويراجعها ما يقوله عن مثالب وضعف فيها، أو تراجع عن المستهدف، فقد ظهرت بأرقامها وتبويبها في الوضع الصحيح الذي يكرّس الجدارة في التخطيط لتكون ميزانية بلا عيوب، بل وتصنف على أنها من الميزانيات الكبرى على مستوى العالم.

وبعد الكلام العام عن الأرقام ودلالاتها في الميزانية الجديدة، هناك المشروعات، هناك الإنجازات، وهناك التطلع نحو المزيد من العمل، وصولاً إلى تحقيق ما نصت عليه رؤية المملكة 2030 بكل تفاصيلها، وتتابع أولوياتها، وتحديد زمانها، بشكل يظهر أن ما يتم إنجازه يسبق الفترات الزمنية التي تتحدث عنها الرؤية، وذلك بفضل العمل الجاد، والطموحات التي لا حد لها.

لقد أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بنفسه خلال رئاسته لمجلس الوزراء أمس الأول عن ميزانية الدولة للعام 2023، بأرقام قدرت الإيرادات فيها بـ1130 مليار ريال والنفقات 1114 مليار ريال والفائض 16 مليار ريال.

وعن الأرقام الذهبية يقول ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان إن الحكومة تستهدف في ميزانية 2023م ترتيب أولويات الإنفاق على المشاريع الرأسمالية ذات العائد الاقتصادي والاجتماعي, والمحافظة على تحقيق المستهدفات الرئيسية للرؤية.

وعن الفوائض المتحققة - يقول ولي العهد - ستوجه لتعزيز الاحتياطيات الحكومية، ودعم الصناديق الوطنية، وتقوية المركز المالي للمملكة، وأنه يتم النظر حالياً في إمكانية تعجيل تنفيذ بعض البرامج والمشاريع الإستراتيجية ذات الأولوية.

يضيف رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان أن الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية التي تطبق منذ انطلاق رؤية المملكة 2030 أسهمت في تحسين المؤشرات المالية والاقتصادية، ودفع مسيرة التنوع الاقتصادي، والاستقرار المالي، وأن البطالة انخفضت إلى النسبة الأقل منذ العشرين سنة الماضية.

يضيف سموه أيضاً، أن أكثر من مليوني مواطن يعملون في القطاع الخاص، وهو الرقم الأعلى تاريخياً، وأن المشاركة الاقتصادية للمرأة ارتفعت من حوالي 18 % إلى أكثر من 35 %، وأن المواطن السعودي هو أعظم ما تملكه المملكة العربية السعودية.

وضمن تصريح ولي العهد على ما يلامس الميزانية من إيجابيات تحدث سموه عن توجه الدولة في تبني قطاع اقتصادي حيوي ومستدام قادرٍ على المنافسة ومعتمدٍ على التصدير ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030، وجاء إطلاق الإستراتيجية الوطنية للصناعة من أجل تنمية بيئة الأعمال الصناعية، وتنويع قاعدتها، وتعزيز تجارة المملكة الدولية، ودعم وصول الصادرات الوطنية إلى الأسواق العالمية، وتعزيز الابتكار والمعرفة.

نخلص من كل هذا إلى أن صدور الميزانية بهذا الحجم، وإن انخفض عن حجم الميزانية السابقة، فهو تحفظ كما جرت العادة في كل ميزانية، غير أن التوقعات خارج القنوات الرسمية تشير إلى أن ميزانية عام 2023م ستكون أعلى من التقديرات المتحفظة التي أعلن عنها، وكل هذا مرهون بما ستكون عليه أسعار النفط في الأسواق العالمية، غير أن الميزانية الجديدة حتى بأرقامها المتحفظة تعد واحدة من أكبر الميزانيات، وتلبي تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030م بكل مرونة ومن دون أي ضغوطات.