الأرقام الموثقة هي التي تثبت حجم المساعدات والإعانات والمنح التي قدمتها المملكة لكثير من دول العالم، والتي جعلتها في صدارة الدول المانحة من خلال كيانات وقنوات مختلفة كصندوق التنمية السعودي ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وغيرهما، وهذا خلاف الودائع والإعانات المباشرة والدعم الذي تقدمه المملكة لدول شقيقة وصديقة خلال أزمات طارئة وظروف استثنائية، دون انتظار مردود وبدافع إنساني محض، وقد خصصت المملكة جزءاً مهماً من ميزانياتها لهذا الجانب حتى في ظروف مالية دقيقة مرت بها في السابق.

لكن تأكد أنه تولدت قناعة خاطئة لدى بعض من كانوا يتلقون الدعم السعودي الكبير سابقاً بأنه سوف يستمر كما كان وكأنه فرض إلزامي على المملكة حتى مع سوء إدارة الدعم وتسرب بعضه في قنوات الفساد وعدم توظيفه كما يجب لصالح الشعوب وتحسين اقتصاداتها. والدعم مهما كان شكله ومهما كان حجمه في وضع كهذا يصبح لا طائل منه ما لم تتم مراجعة كيفية استخدامه بشفافية وحوكمة وفق قوانين وأنظمة دقيقة وواضحة، لهذا نأمل ألا يتحسس بعض الأشقاء والأصدقاء من تصريح وزير المالية خلال مؤتمر دافوس بشأن التوجه الجديد في التعامل مع الدعم للآخرين. الوزير لم يُشر إلى توقف الدعم والمساعدات للدول المحتاجة لكنه كشف عن آلية وتوجه جديد سوف تكون تلك الدول أول المستفيدين منه.

هذا الكلام نعني به الدول العاقلة الناضجة المتزنة التي ستتفهم ماذا تعني المملكة بهذا التوجه، أما من كانوا على شاكلة ثرثار الضاحية الجنوبية في لبنان حسن نصر الله الذي خرج على الملأ قبل أربعة أيام تقريباً بنسخة جديدة من هذيانه وسوء خلقه وبذيء كلامه مطالباً مساعدة لبنان بأسلوب وقح، فلن يلتفت إليه أحد من المسؤولين السعوديين والشعب السعودي لأنهم مشغولون بنقل وطنهم إلى ذرى المستقبل. وعليه أن يلتزم بكلامه السابق المكرر وهو يؤكد بأن كل اقتصاد لبنان واحتياجاته ورواتب موظفيه وتسليحه تكفلت به إيران، فما حاجتك بمطالبة السعودية بالدعم.

بقية اللبنانيين العقلاء المنصفين، ومعهم العالم بأسره، يعرفون ماذا قدمت المملكة للبنان وكيف دعمته سياسياً حتى استعاد استقراره، واقتصادياً حتى تعافى ونهض، ولكن ماذا نفعل إذا كانت السياسة اللبنانية الحاضرة اختارت أن ترضخ وتسلم مقاليد بلد عربي عريق بأكملها إلى وكيل إيران فيه.