يبدو أن من الحالات النادرة أن تكون قرارات المنظمات التابعة للأمم المتحدة قرارات واضحة. في الغالب تصاغ القرارات بطريقة مثيرة للجدل مثل القرار المشهور 242 الذي يطالب بانسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة ثم جاء من يقول إن المقصود (أراضٍ محتلة).

القرار الجديد لمحكمة العدل الدولية بشأن الدعوى المرفوعة من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب إبادة في قطاع غزة، هذا القرار هل جاء مختلفاً عن قرارات سابقة، هل كان واضحاً. القرار يقول: إن على إسرائيل أن تبذل (كل ما في وسعها) لمنع وقوع أعمال إبادة في قطاع غزة. بعض المسؤولين الفلسطينيين اعتبروا القرار إيجابياً، وسينتج عن عزل إسرائيل وكشف جرائمها للعالم، ويطالبون إسرائيل بتنفيذ القرار.

إسرائيل من جانبها تعتبر تهمة الإبادة تهمة كاذبة. حسب فهم فلسطين وجنوب إفريقيا فإن صياغة القرار تتضمن الإقرار بوجود أعمال إبادة جماعية ولهذا اعتبروا القرار انتصاراً. القرار يطالب إسرائيل بمنع وقوع أعمال إبادة لكنه لا يطالب بوقف إطلاق النار. كيف تتوقف الإبادة مع استمرار إطلاق النار؟! أما واشنطن فهي مع القرار لأنه يطالب بالإفراج عن الأسرى ولا يطالب بوقف القتال. هذه الضبابية ليست جديدة في قرارات المنظمات الدولية ربما لأنها تعرف مسبقاً أنها لن تنفذ وكذا يستمر الاحتلال بسبب تعنت إسرائيل وغطرستها، وبسبب انقسام الفلسطينيين، ويضاف إلى ذلك القرارات الدولية التي تتعمد بسبب - فقدان الشجاعة والاستقلالية - فتح المجال للجدل، فهي لا تقرر وقوع الإبادة وإنما تدعو إسرائيل لمنع وقوعها وتؤجل البت في حدوث الإبادة؛ لأن هذا البت يحتاج إلى تحقيق طويل!! لكنها أي المحكمة - في تناقض واضح - تطلب من إسرائيل السماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. أليس منع دخول المساعدات جزءاً من الإبادة؟

قضية فلسطين تنتظر من العالم قرارات عادلة ملزمة تحقق للشعب الفلسطيني دولة مستقلة كما نصت عليه قرارات سابقة، أما الشكاوى التي تطرق باب الأمم المتحدة فهي تحال إلى الخصم والحكم، فإذا أحيلت إلى مجلس الأمن رماها (الفيتو) في سلة المهملات!

الحل في وحدة الفلسطينيين واستقلاليتهم.