كمال زايت

وضع القضاء الجزائري رسام الكاريكاتير جمال غانم تحت الرقابة القضائية في انتظار محاكمته بتهمة إهانة هيئة نظامية، لكن حيثيات القضية أقرب إلى الخيال، على اعتبار أن الأمر يتعلق بسابقة لم تعرف الصحافة الجزائرية مثلها، لأن رسام الكاريكاتير لم ينشر الرسم المتابع بسببه، وإنما رسمه ووضعه في أرشيفه الخاص، ولكن الأغرب من كل هذا أن إدارة الصحيفة lsquo; لافوا دولورانيrsquo; ( خاصة صادرة بالفرنسية) هي التي وشت به وأودعت شكوى ضده بتهمة إهانة رئيس الجمهوريةrsquo;!!


وقال رسام الكاريكاتير جمال غانم في اتصال مع lsquo;القدس العربيrsquo; أن خلفيات القضية تعود إلى نزاع مع الصحيفة، بسبب لأنها لم تف بالتزاماتها الإدارية والقانونية المنصوص عليها في قانون العمل، أو حتى فيما يخص الإجراءات الخاصة بعمل الصحافيين التي وضعتها وزارة الإعلام مؤخرا، من أجل وضع حد لاستغلال الصحافيين وهضم حقوقهم، موضحا أنه لم يحصل على المقابل المالي المتفق عليه لسنوات، لأنه كان يعمل في الطبعتين العربية والفرنسية للصحيفة، ولم يكن يتقاضى إلا جزءا من مستحقاته المالية، ولكن إدارة الجريدة ومن أجل قطع الطريق عليه، راحت تبحث عن أي شيء lsquo;يدينهrsquo;، فوجدت الرسم الذي سخر فيه من إمكانية ترشح بوتفليقة لولاية رابعة، فأخذته كدليل إثبات على lsquo;الجريمةrsquo;، ورفعت ضده شكوى.


وذكر أن إدارة الصحيفة بدأت بوقف راتبه ووقفه عن العمل نهاية شهر سبتمبر، وبعدها بشهر وفي يوم 3 نوفمبر/ تشرين تلقى استدعاء من القضاء، ووجهت له عدة تهم من بينها إهانة رئيس الجمهورية، وخيانة الأمانة، موضحا أن الرسم المعني لم ينشر، ولا يحمل توقيعه، ولا يوجد به عنوان، ولم يذكر به اسم الرئيس بوتفليقة، وكل ما تضمنه هو إشارة للولاية الرابعة فقط.
وأكد غانم أنه لما وقف أمام قاضي التحقيق، حاول لأكثر من نصف ساعة أن يشرح بأنه يتعرض للتحقيق في شيء لم يرتكبه، على اعتبار أن الرسم لم ينشر لا في الطبعة الورقية للصحيفة ولا في الطبعة الالكترونية، ولا حتى في مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرا إلى قاضي التحقيق علقت بأن لا يهم إن كان نشره أم لا، بل المهم هو أن نيته لم تكن سليمه؟rsquo;!! لتقرر في الأخير وضعه تحت الرقابة القضائية، أي أنه ممنوع من مغادرة التراب الجزائري.
وتجدر الإشارة إلى أنه كان من الصعب الاتصال بجمال غانم، لأنه لا يمتلك حتى هاتفا محمولا، وهو ما يدل على الوضع الذي يعيشه، والذي جعله يلجأ إلى مفتشية العمل، ويرسم صورة عن الحالة المزرية التي يعيش فيه الكثير من الصحافيين في الجزائر.
وفي تعليقه على هذه الواقعة قال كمال عمارني الأمين العام للنقابة الوطنية للصحافيين الجزائريين في اتصال مع lsquo;القدس العربيrsquo; إنه ما زال تحت وقع الصدمة، لأن الأمر يتعلق سابقة خطيرة تسيء لكل الصحافة الجزائرية، موضحا بأنه حزين على المهنة التي ينتمي إليها.


وأشار إلى أنه من غرائب هذا الزمان أن الصحيفة هي التي تذهب لرفع شكوى ضد أحد موظفيها أو المنتسبين إليها، والأسوأ أن الأمر يتعلق بعمل صحفي لم يتم نشره، مشددا على أن النقابة كانت دائما تندد بأشباه الصحف، وأن هذه الصحيفة بالذات لها سوابق في استغلال الصحافيين وتوظيفهم بطريقة غير شرعية.
وذكر أن الصحافة هي المهنة الوحيدة التي بقيت توظف صحافيين بطريقة غير شرعية و تطردهم بشكل تعسفي، مؤكدا على أن ما أقدمت عليه هذه الصحيفة هي إهانة للمهنة، وأن النقابة ستقف إلى جانب الزميل جمال غانم في هذه المهنة.