يعد الفصل السابع من أهم فصول ميثاق الأمم المتحدة ،يتكون من (13) مادة تبدأ بالمواد (39-51) وحين صياغة الميثاق عد الفصل السابع الأهم، كونه يتضمن استخدام القوة العسكرية في حفظ السلم والأمن الدوليين وأعاده إلى نصابه، ولم يكن الفصل السابع مطبق بصورة كاملة منذ فترة ما يعرف بالحرب الباردة، إلا انه طبق بعد انتهائهاعلى العراق اثر أزمة الخليج الثانية (1990-1991) من القرن الماضي، ليفرض نظام الأمن الجماعي ابتداء من الحظر الاقتصادي والحظر الجوي وانتهاء بتفويض الأممالمتحدة بقرارها ذي الرقم (678) الذي أعطى فيه حق استخدام القوة ضد العراق من اجل تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

دخول العراق في ظل الفصل السابع

دخل العراق الفصل السابع ، ويمكن الإشارة إلى أهم قرارات مجلس الأمن على العراق طبقا للفصل السابع مثالها القرار المرقم (660) في 2 آب 1990 والقرار(661) في6 آب 1990 والذي بموجبه أصبح العراق تحت حصار اقتصادي، وحجز الأموال العراقية المودعة في البنوك العالمية، وإنشاء صندوق سمي بصندوق التنمية العراقية . ثم القرار (687) صدر في 3 نيسان 1991 الذي أشار إلى ترسيم الحدود بين العراق والكويت وطالب بإزالة أسلحة الدمار الشامل العراقية وإزالة كل قدره لديه على تطوير مثل هذه الأسلحة وانشأ وكالة التفتيش الجديدة الخاصة بالعراق. ثم صدر القرار( 986) في 14 نيسان 1995 تم بموجبه ببيع النفط العراقي مقابل الغذاء والدواء، واستقطاع نسبة للتعويض وتسديد الديون المترتبة على دخول الكويت.

لقد ترتب على دخول العراق ضمن الفصل السابع أثارقانونية واقتصادية، منها اعتبار العراق مهدد للسلم والأمنالدوليين وقطع الصلات والمواصلات البرية والبحرية والجوية وقطع العلاقات الدبلوماسية مع الدول الأخرى وقطع جزء من إيرادات العراق لإغراض التعويض ضمن ماعرف ببرنامج النفط مقابل الغذاء، ومن الطبيعي أن كل هذه الإجراءات أثرت سلبا على المركز القانوني للعراق باعتباره دولة عضو في الأمم المتحدة ولها علاقاتها مع الدول الأخرى المحيطة بها، وقد حد هذا الفصل من حقوق العراق وزاد في التزاماته خصوصا مسالة التعويضات للكويت.

 وطوال الفترة من (1990-2017) والعراق يعاني من ويلات الفصل السابع وأثاره القانونية والسياسية والاقتصادية والمالية ، وبعد الاحتلال الأمريكي عام 2003 بدأت الجهود الدولية تعمل على إخراج العراق من هذا الفصل لإعادته إلى المجتمع الدولي دولة تامة السيادة ، وبدأت الجهود بطلب رفع الفصل السابع عنه عام 2009 إلا أن الكويت طلبت آنذاك عدم إخراج العراق من هذا الفصل في حل قضيتي الأسرى والمفقودين والتعويضات ومسالة ترسيم الحدود بين البلدين .وفي عام 2012 وافقت الكويت على تحويل ما تبقى من مبالغ التعويضات العراقية الخاصة بالكويت إلى استثمارات في بعض المحافظات العراقية خصوصا البصرة.

وبقيت الجهود الدولية تعمل من اجل تحديد الوقت الذي يفي فيه العراق بالتزاماته القانونية لما له من أثار سلبية على مركز العراق القانوني.

- خروج العراق من الفصل السابع

صوت مجلس الأمن الدولي مؤخرا على إخراج العراق من الفصل السابع بناءاً على تقرير الأمين العام للأمم المتحدة،إلى المجلس أكد فيه قيام العراق بالإيفاء بجميع التزاماته القانونية المفروضة وفق القرارات الدولية السابقة خصوصا فيما يتعلق بالتعويضات والتي أنشا من اجلها (لجنة التعويضات) لمراقبة مدى التزام العراق بتعويض الدول والمنظمات والهيئات والمؤسسات والأفراد ماليا من بيع نفطه. 

وبناءا على تقرير الأمين العام اجتمع المجلس واصدر قراره المرقم (2390) في كانون الأول 2017 بين أن مجلس الأمن إذ يشير إلى قراريه (1985) عام 2010 والقرار (2335) عام 2016 يرحب بتنفيذ العراق للالتزامات التي ابرمها الأمين العام وحكومة العراق على النحو المطلوب في الفقرة السابعة من القرار (1985) ويرحب بان التعويضات المتبقية في حساب الضمان المنشأ عملا بالفقرات (3-5) من قرار مجلس الأمن ذي الرقم (1985) قد حولت إلى العراق عملا بالقرار (2335) عام 2016.

وخلص القرار أن الطرفين (العراق والأمم المتحدة) نفذا تنفيذا تاما جميع التدابير المعروفة بموجب القرارين (1985) و(2335)المتخذين بموجب الفصل السابع.

 

الآثار المترتبة

بموجب القرار (2390) يكون العراق قد خرج من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ويترتب على هذا التصرفأثار قانونية واقتصادية وسياسية مهمة يمكن إجمالها بالاتي

1- أصبح العراق دولة ذات سيادة تامة يستطيع إدارة شؤونه الداخلية والخارجية دون أي تقييد من الأمم المتحدة أو فرض تدخل في شؤونه الداخلية أوالخارجية وأصبحت تصرفاته لا تخضع لأية رقابة دولية. وأصبح العراق قادرا على إدارة أمواله واستثماراته وأصوله العقارية بعيدا عن العقوبات الاقتصادية التي فرضت عليه منذ عام 1990 وقدرة العراق باعتباره دولة تامة السيادة بإجراء التصرفات القانونية داخليا وخارجيا دون قيد أو تحديد إلا فيما يتعلق بالالتزامات المترتبة على الدول كافة والتقييد بقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.

2- أن خروج العراق من الفصل السابع تأكيدا واضحا واعترافا صريحا من المجتمع الدولي بان العراق أنجز ماعليه من التزامات قانونية.

3- يستطيع العراق التصرف بفتح حسابات خارجية باسم حكومة العراق وليس عبر الوسطاء كما كان معمولا به من قبل وهذا الإجراء يعني حرية تصرفهبأمواله المنقولة خصوصا والأهلية لإبرام اتفاقيات دولية آو العقود الدولية ذات الصلة دونما العودة إلىالأمم المتحدة أو من تخوله لمراقبة هذه التصرفات .

4- تطور الوضع الاقتصادي والسياسي في العراق بما ينسجم وواقع المجتمع الدولي وتطوير علاقاته وتمثيله الدبلوماسي واستقطاب الشركات والأموال للاستثمار داخل العراق بدون قيد وشروط تضعها منظمة الأمم المتحدة في هذا المجال ما يعني تحسين الوضع الاقتصادي .

5- تطوير وضع العراق داخليا وخارجيا بما يؤهله من اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات مباشرة ، وتطوير آليات التعامل مع دول العالم إقليميا ودويا بدون أية قيود أو حماية أو مراقبة من الأمم المتحدة فيما يخص تصرفاته القانونية .