‏"أعطني خبزاً ومسرحاً أعطيك شعبا مثقفا" ومابعد هذه المقولة أهمية نثريها على أي شعب يرغب في هدم ثقافته وحضارته بيده، فهذه الخشبة و تظهر المهارات وتوصل رسائل مرئية قصيرة إلى أبعد مدى لنخر الجهل وترميم مجتمع يزحف إلى الفضاء لا الانحطاط بينما الآخر يجلس أمام المسرح يسافر إلى فضاء الخيال عبر الأدب المسرحي، فالمسرح كما عرف هو أبو الفنون يظهر على إثره الغناء والرقص و التمثيل الإحترافي، والعزف فكل هذه الفنون لولا المسرح بجمهوره لما عرفت كل هذه الفنون والمواهب، وترتفع مكانة كل مملكة برصيدها من الإنجازات والأنشطة الثقافية بالاهتمام بمثل هذه الفنون ليأتي في مقدمتها المسرح ثم المسرح وعلى عاتقه تأتي كل الفنون. فلولا الأدب لما وجدت المسارح فكانت بينهما علاقة جسيمة ونجحت فمثلما أهدى أحمد شوقي تحفته الحب "قصة مجنون ليلى" للمخرجين وأصبحت بمفعولهم مسرحية مرئية على مرآة واضحة لجمهور المسرح تتغذى عقولهم على الأدب من حيث لا يشعرون.
‏لا يخلو صرح تعليمي من مسرح ليبث كل ما يجول في خلد هذا المجتمع وتروية عقول من يقفون أمامه فهناك أهداف سامية حقيقةً تبث من خلاله، والإذاعة المدرسية التي تقام على صدر هذا المسرح نجد أنّ بها مشاهد توعوية وأداء يذاع مع أناشيد وطنية فتشكل هذه المنصة الخشبية أهمية لا تقدر لنفض كل ما نشأ عليها من عادات سيئة أو مفاهيم قد تكون خاطئة فالمدرسة هي من تنمي أفكار تلاميذها عبر أنشطتها لخلق جيل جديد واعٍ تهذبه كل الفنون ويرضخ لها.

كثيرون افتقدوا هذا المسرح بعد انتهاء مسيرتهم الدراسية فكانت مادة التعبير ليست مجرد كتابة بل كانت مشاهد مسرحية يطبقها الطلاب بعد ان نسجوا الخيال واقعاً، وبعد الإنتهاء من المسيرة الدراسية لم يعد هناك مسرح فتوقفت المسارح الثقافية بحجة أنها تنافي الدين ومعتقدات المجتمع فليس هناك دور لأي إنسان سوى أن يأكل وينام ويقوم بمهامه الدينية فلم لا يستغرب أن يسود لشبابه إلى التطرف والعنف أو الانسياق إلى الجماعات الإرهابية.

عشرون عاماً تطل المسرح الغنائي والتمثلي حتى أتت رؤية 2030 م وفتحت منافذ كل شيء وأغلقت منافذ التطرف والإرهاب فعندما تريد قتلها فقط أشعل الفنون أمامها وسوف تندثر ويندثر معها كل شر.
‏إن كرسي الأدبي السعودي الكبير غازي القصيبي رحمة الله عليه والذي تبنته جامعة اليمامة في قلب السعودية، أشعلت رحيقي الأدبي لهذا الراحل عبر فعاليات وأنشطة ملحوظة سجلت على إثرها حضارة السعودية وسوف يتفرع هذا الكرسي في الخليج العربي ومن أهم وأجمل ما سيعرض " مسرحية عرضت في اليوم العالمي للشعر والمسرح"، و "‏مسرحية البروفسور ثابت مستوحاة من رواية العصفورية " فرحمة الله عليه روحه لم تمت حتى في كتاباته.
‏وها هو اليوم يعود المسرح السعودي مجدداً انطلاقاً من مسرح التلفزيون حتى يسلك طريق البدايةِ ثم يشق طريق الانطلاق بلا توقف فهناك جمهور متعطش لحضور المسرحيات، فأشعلت أضواء المسرح لعرض المسرحية الثانية على التوالي على شرف مستشار وزير الإعلام والثقافة د.عبدالاله السناني ووزير الإعلام الجديد د.عواد العواد والذي أكد دعمه للمسرح مساء الخميس خلال عرض مسرحية " ليس إلا " الفائزة بجائزة أفضل عرض متكامل بمهرجان الفرق المسرحية السعودية.
‏سنطعم شعبنا الخبز ونوقد إضاءات المسارح ودور السينما ليكون منبراً ورسالةً مؤثرةَ للمجتمع وينمو من خلاله التفكير الإيجابي ويكون وسيلة لا غايةً كي ننتج حينها شعباً مثقفا.