لا تزال القلوب مشحونة على بعضها، و لا تزال الكراهية ساكنة في أعماق جوارحنا، نرفض التعايش لا لشيء غير أننا ألفنا البعد و القطيعة، قاموسنا لا يعترف بأننا أخوة ولا يعترف أيضا أننا شركاء و مصيرنا واحد، أصبح كل واحد منا يخفي حقده على أخيه الذي لا يمتلك قدره حيث القدر أجبره على أن يسلك طريق لا يستطيع تغييره بسبب الظروف الاجتماعية و التاريخية التي نشأ فيها، الفرد منا أصبح كذلك لا لأنه اختار بل البيئة التي ترعرع فيها تفرض شروطها و تحدد ما هي الهوية التي تتكون منها شخصية كل فرد فينا في هذا العالم.

الحروب الطائفية دمرت الأشياء الجميلة ودمرت الأخضر و اليابس، حتى المنازل و الشوارع و براءة الطفولة كلها بلا استثناء مدمرة، الطائفية طوفان لا يدر شيئا إلا و هشمه هل رأيتم طوفاناً يترك خلفه حديقة من الزهور ؟ أم رأيتم الخراب و الدمار يعم المكان و الديار ؟ هكذا هي الطائفية لا تنشر إلا البؤس و لا تزرع إلا الشوك و لا تبني إلا الدمار، هل هناك من يرغب أن يكون المستقبل بهذا الشكل و هذه القتامة ؟ أعلم لا أحد يرغب في ذلك لكن تصرفاتنا تقول العكس!

التناقض الذي يصنعه الإنسان غريب جدا لا أحد يستطيع تفسيره أو فهمه، يريد حياة آمنة لكنه يزعزع ذلك وينشر الفوضى، يرغب في مستقبل مشرق و يفعل ما يجعل هذا العالم أكثر ظلاما مما نحن فيه، لا أدري كيف يفكر هذا الإنسان وهو يحمل كل هذا التناقض و الازدواجية في تصرفاته و سلوكياته التي فيها الكثير من الغرابة، نقول أننا أخوة و لازال الكثير منا ينفخ في نار الطائفية التي نحن حطبها إذا لم نكف عن اللعب فيها و بجوارها.

الحياة لا تكون جميلة و كلنا طيف واحد متشابه في كل شيء بل تكون بائسة و تعيسة، الجمال يتحقق بتنوعنا و اختلافنا لأننا بهذا التنوع نكمل النقص الذي يفتقده الآخر بهذا الاختلاف نجعل من هذا العالم أكثر ثراء لنا و للأجيال القادمة التي ترغب بحياة أفضل مما نحن فيه الآن.