ظهر في الاونة الاخيرة في إقليم كُردستان مصطلح جديد لم نسمع به من قبل، وهو مصطلح ( اكراد المالكي )، والذي اطلقه إعلام بعض الاحزاب الكُردية المتنفذة على بعض الشخصيات المعارضة والصحفيين والكتاب ونشطاء في المجتمع المدني وخاصة الذين يختلفون مع توجهات تلك الاحزاب و يطالبوهم بالرجوع الى طاولة المفاوضات لتطبيع الاوضاع الداخلية بين ( الاخوة الاعداء ) وتفعيل البرلمان واجراء اصلاحات جذرية من اجل تحسين الظروف المعيشية البائسة للمواطنين قبل اجراء الإستفتاء المزمع إجراؤه في 25 سبتمبر/ أيلول. 

اندهشت كما إندهش آخرون مثلى عندما شاهدت على شاشة التلفاز (عدو الامس اللدود نوري المالكي ) يستقبل رئيس وفد المجلس الاعلى (للإستفتاء ) والوفد المرافق له في مكتبه الرسمي وسط حفاوة بالغة وترحيب كبير, حيث رصدت عدسات الكاميرات، في لقطة مثيرة للجدل، نائب رئيس الجمهورية السيد ( المالكي ) وهو يمسك يد رئيس وفد المجلس الاعلى للإستفتاء السيد (روز نوري شاويس ) ويمشي معه يدا بيد وكتفاً بكتف وبقلب مطمئن وكان شيأ لم يكن، وبينما كنت مستغرقا فى التعجب والاندهاش والتساؤل و لسان حالي يقول ماقاله الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش (كم كَذَبنا حين قلنا نحن استثناء ), رَبَتَ كَتِفَي احد زملائي قائلا لا تندهش ولا تتعجب ولاتفتح احداقك و لا تستغرب من أي شيء، فأنحن نعيش في زمن اصبح الدكتاتور يمثل دور الضحية وببراعة، لاتندهش، فانت تعرفهم اكثر مني ومن الاخرين، هؤلاء هم تجار السياسة الساعين للسلطة على حساب قوت الشعب ومستقبل أجياله، هؤلاء اصبحوا من كبار (البزانسة) بمعاناة والام ودماء ودموع الناس، ولايهمهم شيء سوى مصالحهم الحزبية والشخصية، لاتندهش يا صاحبي، لوكان (المالكي) دكتاتورأ كما زعموا و يحلم بكسر هيبة الإقليم وإخضاعه لحكم الفرد الواحد في بغداد, لماذا اجتمع الوفد الكُردي معه اصلا، وماذا يريدون من شخص (دكتاتوري ومستبد) ان يقدم لهم أكثر مما قدم؟، وهل كانوا ينتظرون منه الاستسلام وقبول سياسة اللاحل واللاإعتراف به وبحزبه؟ لو كان (المالكي )هو السبب في قطع موازنة الإقليم وتجويع الشعب، لماذا إجتمعوا معه؟ لوكان (المالكي) ضد الديموقراطية وقبول الآخر, وإن الثقافة السائدة في بغداد هي ثقافة الحكم الشمولي والتي تؤدي في الاخير الى التهديد والصدام والفوضى كما يدعون، كيف ولماذا قبلوا دعوته وخضعوا لإرادته؟ لو كان مصير العراق مرتبط بمصير وإرادة (المالكي) كما يقولون، ﻣﺎ ﻣﺪى اﻻﻓﺎدة اﻟﺘﻲ ﻋﺎدت ﻋﻠﻴهم ﻣﻦ ﺧﻼل لقاءهم به؟ الم يطلقوا مصطلح ( اكراد المالكي ) زورا ووبهتانا على كل من خالفهم الراي والموقف؟

ثم لماذا تندهش اصلا، الم يستعينوا هؤلاء مع بدء الجولة الثالثة للاقتتال الداخلي في اواسط التسعينات من القرن الماضي بالقوى المعادية من خارج وداخل الإقليم لتبديل موازين القوى؟ الم يستعين ( الاتحاد الوطني الكُردستاني )بالدعم العسكري الايراني؟ الم يستدعي ( الحزب الديمقراطي الكُردستاني ) قوات الدكتاتور ( صدام حسين ) لاجتياح (هه ولير) في 31 اب 1996، في حين كان الشعب يناضل من اجل تخليص كُردستان مما يشوبها من اخطاء قاتلة وثغرات تتمثل في نزعة الاستئثار و المناصفة المعروفة بـ(فيفتي – فيفتي) الاكثر من سيئة الصيت في تقاسم ادارة الإقليم بشكل عام، الى جانب ضعف ايمانهم بالديمقراطية والتحزب الضيق والغاء الاخر ورفض سبيل السلم والمصالحة الوطنية الحقيقية. 

نعم، نعم، لقد اثبت ساسة الإقليم من جديد بانهم يتبعون سياسة الكيل بمكايل، ويتاجرون بمصير الشعب وبقضيته العادلة، والخاسر الوحيد في هذه اللعبة القذرة هو الشعب الذي اغرقوه في الديون ونهبوه، همشوه، أنهكوه، جوعوه، فقروه، شردوه، هجروه وحرموه من ابسط حقوقه الاساسية وحولوه الى شحاذ بائس ينتظر مكرمة (ربع راتبه البائس ) كل شهرين او ثلاثة اشهر، اضيف الى ذالك، لم يبق في هذه الدنيا لصّ أو بلطجي إلا وحاول أن يستاسد عليه وينهب ثرواته لصالح فئة اوليغارشية متنفذة ومتطفلة. 
وعلى وطني وشعبي السلام.