بعد سلسلة العمليات الإرهابية الجهادية في فرنسا وبلجيكا وغيرهما، هزت العالم فظاعة الجرائم الإرهابية التي نفذت مؤخراً في برشلونة الاسبانية. إن تفادي أية عملية إرهابية في الغرب الأوربي متعذر، ولكن التساؤل هو عن تكرار العمليات وعلى نطاق واسع، ولا سيما وان العديد من المجرمين كانوا معروفين للشرطة والقضاء بنزعاتهم العنفية. فهل هناك ثغرات في هذا الغرب تسهل مهمة الإرهاب؟ أتذكر مقالاً نشرة قبل سنوات الكاتب الفلسطيني خالد الحروب، حيث رأى في الديمقراطية الغربية ثغرات هي من طبيعتها، يستغلها أعداء الديمقراطية من الداخل والخارج وشبه الكاتب هذه الثغرات كالحبل الذي تشنق بها الديمقراطية نفسها... قلنا ان العديدين من الإرهابيين في الغرب كان مشتبهاً بهم، ولكن قوانين هذه الدول لا تسمح بعزلهم للتحقيق حولهم بعمق، تمهيداً لاتخاذ قرار القضاء بحقهم. كما ان اتفاقية شانغين التي ألغت الحدود بين دول الاتحاد الأوربي سهلت مهمات الإرهابيين، حيث يتنقلون بسهولة من بلد الى أخر بلا مراقبة وتدقيق جديين. وقد ان الأوان لإعادة النظر في هذه الاتفاقية باتجاه ما يضمن امن كل بلد من بلدان الاتحاد.. كما انه في كثير من الأحوال تتدخل الإيديولوجيات المثالية لتسهل من حيث لا تريد مهمة الإرهاب. فان إلغاء حكم الإعدام هو والحد من الأمثلة على ذلك. وفي فرنسا التي تعرضت منذ سنوات............ ظل الرئيس الاشتراكي هولاند يردد كالببغاء (نحن دولة القانون) وذلك رداً على الانتقادات حول ترك المشتبه بهم طلقاء او لرقابة ضعيفة. وحين كان يتحدث عن دولة القانون، كان في باله حقوق المتهم اكثر مما يفكر في الضحية وعائلته. وها هو مثلاً المتهم صلاح عبد السلام، المسؤول عن سلسلة عمليات قتل في بلجيكا وفرنسا لا يزال قيد الاعتقال في باريس من حوالي عامين، دون ان يقدم للمحاكمة بحجة انه لا يريد الكلام أمام الحاكم في المحكمة، مع أنها حجة مردودة، أولا لان فرنسا كانت في حالة طوارئ وإنذار، وثانيا لأنه حتى في الظروف العادية يمكن الحكم على مجرم غيابياً ولو كان خارج البلد وذلك عند توفر الأدلة والقرائن كلها. هذا الشخص يعيش في زنزانة فسيحة، فماذا يريد اذن.....

وإشكالية الهجرة هي الأخرى ذات جوانب عديدة. وقد ظلت الهجرة في الغرب بلا ضوابط حقيقية، وتدفقت موجات الهجرة الشرعية وغير الشرعية، مما سمح ويسمح بتسلل المجرمين من مختلف الأجناس، وثمة ظاهرة تلفت النظر منذ ان سمحت المستشارة الألمانية ميركل بدخول بحدود مليون لاجئ غير شرعي الى

ألمانيا وبقية أوربا الغربية، فهي حاولت تبرير قبولهم دفعة واحدة، وبلا فحص وتدقيق لكل منهم، اعتبرتهم جميعا لاجئين سياسيين فرّوا من خطر الموت، في حين ان الغالبية العظمى تركوا بلدانهم الأصل بحثاً عن حياة أفضل وليس لأنهم كانوا مهددين فعلاً بالقتل.... فصفة لاجئ لا تنطبق إلا على الأقلية بينهم. ولكن استبدال مصطلح لاجئ بدل مهاجر غير شرعي هو وسيلة لتجنب النقد والمساءلة. وجدير بالذكر أيضا ان عمليات الإرهاب الجهادي وموجات الهجرة الكثيفة أخذت تغذي النزعات اليمينية والعنصرية المتطرفة في الغرب، وهذه النزعات هي الأخرى تهدد المبادئ والقيم الديمقراطية وتعمل على تصديع الأمن والاستقرار. وإشكالية أخرى شديدة التعقيد ونقصد استخدام الإرهابيين لوسائل الاتصال الجماعي، مما يسهل مهماتهم القذرة. وهنا تبرز مشكلة التوفيق بين وضع ضوابط رقابة لا تؤثر على الحريات الشخصية وحرية التعبير والنشر. والمهمة في غاية الدقة... تلكم ملاحظات أولية ولنا عودة الى الموضوغ.