النقاش البيزنطي عن جنس الملائكة الذي غدا مضرب مثل يتكرر في سورية عن جنس الدستور ففي الوقت الذي تغرق فيه البلاد في الدم والارهاب والاستبداد والحرب الأهلية باستطالاتها الإقليمية والدولية وتدور المقايضات والمبايعات والصفقات بين اللاعبين الدوليين والإقليميين الرعاة الرسميين منهم والمستترين للنظام وللمعارضة يبدو&تشكيل لجنة إعداد مسودة الدستور كوضع العربة أمام الحصان و كأن اجندة الحل والتوافق والإجماع الوطني وطي صفحة الحرب تبلورت ولَم يبقى الا إكسائها اللحم الدستوري.&
ففي ظل عدم الحديث عن ضرورة البدء بعملية سلام ومصالحة ومعالجة ندوب الحرب وما خلفته من تصدعات في النسيج الوطني والمجتمعي وتسوية ملفاتها يبدو النقاش الدستوري موغلا في الشاعر.ية واللاواقعية والتذاكي والقفز في الهواء.&
والحال أن الدستور بهذه الطريقة السوريالية التي يجري الحديث عن اعداده وبلورته لن يعدو كونه اعادة انتاج للاستبداد بمخرجات جديدة شكلا لا مضمونا فالكل يضحك على الكل ويناور& ويتكتك: المجتمع& الدولي وقواه الفاعلة والقوى الإقليمية والنظام ومعارضته بليغة الشبه بجنسه الاستبدادفي في انتظار حسم الأمور عسكريا على الأرض حيث درعا والقنيطرة والجنوب السوري ككل آخر حلقة في سلسلة اعادة بسط النظام سيطرته على البلاد وبتوافق دولي - إقليمي لا يخفى مع اقتسام مناطق نفوذ ومحميات وحصص بين مختلف اللاعبين وجوائز ترضية وأكباش فداء.&
وفِي الأثناء يتم إطلاق يد أنقرة في مناطق روج آفا ( كردستان سورية ) وعموم الشمال السوري بغية كبح جماح التجربة الواعدة الوحيدة التي كان من الممكن البناء عليها والتي هي بدورها بعد احتلال عفرين واتفاق منبج وتوالي التنازلات من قبل الادارة الذاتية من التخلي عن الفيدرالية والانحدار الى سوية وصفة المواطنة المتساوية والحديث الهلامي عن سورية ديمقراطية لا مركزية في انشاء لغوي لا يحدد البوصلة والهدف فهي والحال هذه باتت وسط الضغوط والحصار في وضع عصيب ملؤه انسداد الآفاق ومرارة الخيارات&
فمع تولي أنقرة مهمة اجهاض وتقليم أظافر التجربة الكردية في سياق لعبة توزيع الأدوار والمهام بين المعنيين الدوليين والإقليميين واستمرار النظام في اعادة تأهيل نفسه برعاية دولية وان مواربة يغدو حديث الدستور لغوا محضا وبمثابة ذَر&للرماد في العيون ريثما تنقشع مترتبات ووقائع الصفقات على حساب السوريين وتغدو أمرا واقعا حينها سيتلاشى تلقائيا ترف نقاش الدستور الذي لن يكون مصيره بأفضل حال من مصير دستور مسرحية "غربة " السورية الشهيرة عندما&نعاه ياسر العظمة ودريد لحام& بالقول : الدستور أكله الحمار.