"تلك عشرةٌ كاملة"

*الله جلَّ جلاله لا نراه بأعيننا، ولا نسمعه بآذاننا، ولا نلمسه بأيدينا، رغم أنه هو من خلق تلك الحواس! فقط نشعر به في قلوبنا، وفي هذا إشارة ربانية ورسالة سماوية أن الدين ما هو إلا ناحية وجدانية.
‏*لو ظهر (إله الإسلام) لشخص غير مسلم مؤدلج، وقال له: "الإسلام هو دين الحق" وأثبتَ له بالبراهين، فإنه لن يقبل. لو ظهر (يهوه) لشخص غير يهودي أو (يسوع) لشخص غير مسيحي، كذلك لن يقبل ولن يسمع ولن يقتنع. هذا على مستوى ما يُعد مُقدَّساً عند الكثير، فكيف بمن سواه من أشخاص وبما سواه من أفكار!؟&
من هنا تكمن خطورة الأيديولوجيا.
*في أي مجتمع تُحارب فيه الفلسفة، يصبح بيئة خصبة لنمو الأيديولوجيا، وإن كانت الفلسفة تهدف إلى إعادة الإنسان إلى إنسانيته كما يرى ريكور، فإن من يحاربها فهو يحارب الإنسانية.
*الفلسفة تحرِّر العقل، وعندما يتحرَّر العقل تجد هذا الإنسان يخرج من القطيع، حيث أن غياب الفلسفة يؤدي إلى كثرة القطعان التي تنقاد إلى قائدها الذي يرعاها وينظِّم سيرها ويوجِّهها كيفما يشاء مستخدماً عصا الأيديولوجيا ليهش بها على قطيعه.
*بالفن يُدرك جمال الحياة، ويُعرف الشعور، ويوجد المعنى، ويظهر الوجود في أبهى صورة، وبانعدامه يتجلَّى العدم، ويبرز الألم، وكما أن من يعادي الفلسفة فهو يعادي الإنسانية، فكذلك من يعادي الفن فهو يعادي الحياة.
*في زيارته للمستشفى، وأثناء انتظاره للطبيب، مرَّ من أمامه طفل لديه موعد للبدء في جلسات العلاج من السرطان، وكان يتأمَّل الحزن والألم في عيني هذا الطفل المسكين، حينها طرأ عليه قوله عليه الصلاة والسلام(الله أرحم بكم من هذه بولدها) فسألت دموعه فرحاً برحمة ربه، رغم أن الظاهر هو انعدام الرحمة، على الأقل هكذا يقول العقل!
*لو كان الله يتدخَّل بشكل مباشر وإعجازي مع أي شعب أو أمة، لكان قد تدخَّل في أقسى ظروف الذل والهوان التي عاشها ولا يزال يعيشها المسلمون، ولكان قد أنقذ اليهود ممَّا لاقوه من شتَّى أنواع العذاب في فترة النازية الألمانية. لكنه لم يتدخَّل بشكل مباشر في التاريخ ولا يتدخَّل في الحاضر ولن يتدخَّل في المستقبل.
&اليهود عرفوا الدرس وأدركوا الحقيقة، لذا نجد إسرائيل تتقدَّم في كل يوم، أما المسلمين فلا يزالون يراوحون مكانهم بسبب عدم رغبتهم في إدراك الحقيقة التي أدركها اليهود وأدركتها أوروبا المسيحية.
*يؤمن المسلمون جميعاً بأن الميت في قبره يُسأل عن ثلاث: من ربك؟ من نبيك؟ ما دينك؟
ولكن في حياتهم تغيب تلك الثلاث ويغيب تأثيرها في توحيد صفوفهم، تركوا تلك المبادئ الإسلامية الأساسية وانشغلوا بمن أولى بالخلافة بعد رسول الله!
*يبدو أن الإنسان خُلق ليهرب من الواقع ومن أزماته الوجودية(ففرُّوا إلى الله)، على أمل أن يجد في هذا الإله الذي يهرب إليه أماناً وحمايةً لما يهرب منه، يظل يهرب ويهرب حتى يعترضه الموت فجأة فيستريح هذا الجسد الذي حمل على عاتقه ما لا تتحمَّله السماوات والأرض والجبال(وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا).
ضجعة الموت رقدةٌ يستريح
الجسم فيها والعيش مثل السُّهاد
&*يذهب للدين وبمجرد إحساسه باللذة في ممارسة أحد الطقوس الدينية يصرخ ويهتف فرِحاً: لقد وصلت لقد وصلت! ويبدأ يمارس دور المنقذ، وبمجرد زوال تلك اللذة يعود كما كان، يريدها أن تبقى ملازمةً له دائماً ولا تزول(فلمَّا أفَلَ قال لا أُحبُّ الآفِلين)، كم أنت بائس أيها الإنسان!