مع إن الاسلام حرم قتل المسلم بصورة مطلقة سوى في حالات القصاص، وأکد على حرمة قتل المسلم لأخيه&المسلم وإستباحة ماله وعرضه، بل وحتى إن الاسلام قد رفض قتل المقاتل المسلم للمدنيين من الاديان والملل الاخرى، لکن مع ذلك وعندما نراجع فترات الحکم الديني ولاسيما خلال فترة الخلافة الاموية والعباسية والدولة العثمانية، نجد هناك کما هائلا من المجازر الدموية التي قد تم إرتکابها خلال هذه الفترات&حيث کانت تحوم الکثير من الشکوك بشأن شرعيتها وإستيفائها للمسوغات التي تسمح لها بذلك.

أخطر مافي فترات الحکم بإسم الدين، إن کل مايتم إرتکابه يکون بإسم الله&والتقرب منه، وهذا ماجعل معارضتها والوقوف حتى بوجه أخطائها، أشبه بمن يسعى للإنتحار أو إلقاء نفسه في النار، وبطبيعة الحال فإن مايذکره التأريخ عن الجرائم والمجازر والاخطاء&التي تم إرتکابها بإسم الدين، قد يشکل جانبا صغيرا من حقيقة کبرى لم يتسنى التعرف على الاجزاء الاکبر&والاهممنها، ولاغرو من إن تسليط الاضواء على تجارب الحکم الديني لطالبان في أفغانستان و داعش والجمهورية الاسلامية الايرانية، نجد إن&الجرائم والمجازر بإسم الدين بل وبإسم الله نفسه تتکرر، وقد يعتقد البعض بأن طالبان وداعش الاکثر تطرفا من الجمهورية الاسلامية الايرانية وکون الاخيرة أکثر مرونة وإنفتاحا وإعتدالا من سابقتيها، لکننا نرى الجمهورية الاسلامية الايرانية هي الاخطر من غيرها لأسباب عديدة أهمها إنها بالاضافة على کونها ضمن المنظومة الدولية ومعترف بها، فإنها ترتکب جرائمها بهدوء وبدماء باردة&وفي أکثر الاحيان بعيدا عن الاضواء.

هل الدولة الدينية مرغوب بها في العصر الحديث؟ خصوصا بعد تجارب طالبان وداعش وجمهورية الخميني؟ من الواضح جدا إنه لو تم إجراء مئات الاستفتاءات وإستطلاعات الرأي في البلدان العربية والاسلامية لما کانت نتيجة أية واحدة منها تٶيد ذلك وترغب به، وهنا لابد من التنويه من إعتراض ثلة ما بالزعم إن هذه التجارب لاتمثل الاسلام الحقيقي وإن الاسلام براء منها، ولکن ليس هناك من بإستطاعته الانکار إنها کلها قد قامت على حجج ومسوغات وأسانيد مستمدة من الکتاب والسنة والسلف الصالح، فهل ستبقى الشعوب تنتظر أن تفتك بها تجارب منجل الدين حتى تصفو على التجربة المثلى؟

مع سقوط تجارب أفغانستان وتجربة الاخوان في مصر وداعش مٶخرا، وبقاء وإستمرار الجمهورية الاسلامية الايرانية، التي&على أعتاب إطفاء شمعتها الاربعين، هل يعني ذلك بأن التجربة والنمط الشيعي في الحکم الديني هو الافضل والاکثر رحمة ورأفة من التجربة والنمط السني في الحکم؟ بطبيعة الحال هذا وهم يسعى البعض لتسويقه بدعم ودفع واضح من طهران نفسها، خصوصا وإن أذرع مشروع الخميني في&بلدان المنطقة بشکل خاص والخلايا التابعة لها في مختلف بلدان العالم الاخرى، تعمل مافي وسعها من أجل ضخ تلك الفکرة التي على ضوئها تعمل الجمهورية الاسلامية الايرانية من أجل تغيير البنى الديموغرافية في المجتمعات الاسلامية تحت إسم"الاستبصار"، أو التحول من سني الى شيعي، والذي وصل الى بلدان المغرب العربي والى أفريقيا!

ليست هناك قناعة رسمية عربية ـ إسلامية&بالتهديد الذي تمثله الجمهورية الاسلامية الايرانية على العالمين العربي والاسلامي بل وإن هناك قناعة واضحة جدا للشارعين العربي والاسلامي أيضا بنفس السياق، ولم تعد تلك الهالة التي کانت تحيط بإيران لفترة من عهد الخميني باقية&بل وفقدت هذه الجمهورية بريقها وألقها السابق حتى وصل الامر الى أن يفقد الولي الفقيه الکثير من هيبته وصار هدفا لسهام المنتقدين والمٶاخذين، وإن إعترافه مٶخرا بخطأه في الدفع بإتجاه إبرام الاتفاق النووي الذي إنسحبت منه الولايات المتحدة الامريکية مٶخرا، وهو الاعتراف الذي بادرت وسائل الاعلام الايرانية الى حذفه بعد فترة قصيرة على نشره، يٶکد بأن هذه الجمهورية تعاني من وضع عصيبوصارت أشبه ماتکون بالسفينة الخرقاء في وسط يم عات&ولم يعد بوسع ربانها"خامنئي" من قيادتها الى ضفة الامان بل إن کل الاحتمالات تشير الى إنها غارقة لامحالة، ولذلك فإن الحديث الذي صار يدور کثيرا وبصورة ملفتة للنظر يرکز على أمرين&ماذا يعني سقوط النظام وماذا يعني بقاءه، والذي يجب أن نأخذه بنظر الاعتبار هنا، هو إن لجمهورية المستضعفين المتزلزلة الغارقة في بحر أخطائها دور کبير في ذلك الحديث الذي سنوضحه لاحقا.