وصلت الأزمة بين أربيل وطهران إلى نهاية سيناريو ضبط النفس، والتي اتبعها الإقليم طوال&25&عاماً ،وعلى الأرجح&فأن التشرذم والتنافس في الانتخابات العراقية الأخيرة عموماً وفي إقليم كردستان بشكل خاص ،من أهم إفرازات تلك&الأزمة ،وكما يبدو ،فأن موقع طهران في ميزان النفوذ داخل العراق وفي باخرة الشرق الأوسط بدأ يترنح ويجابه بمخاطر&ومخاوف واقعية ،وهو ما يشير الى احتمال انفجار الوضع ،وبالتالي ينذر بكارثة حقيقية على المنطقة برمتها ،نتيجة&لأجنداتها العدوانية و التوسعية وعبر خلاياها النائمة في الكثير من الدول ،رغم أن تضييق الخناق عليها من قبل المجتمع&الدولي بقيادة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ،قد يجبر بعض رموز الحكم في ولاية الفقيه نوعاً ما إلى الرضوخ والليونة&في سياساتهم وتدخلاتهم في دول المنطقة ،إلا أن القسم الأكبر والمتمثل بالإرهاب قد لا يرضخ ويحول المنطقة إلى بركان&.&

يبقى الأهم في الحدث الجاري هو معرفة خيارات قيادة كردستان وخطواتها المستقبلية ،فلا شيء بالمجان ،فالظروف&المرحلية ستجعل من أمريكا وشريكتها السعودية إلى دعم أربيل اقتصادياً وعسكرياً لمواجهة أية مخاطر قادمة ،لكن أية&تسوية في سوريا أو اليمن قد تقلب المعادلة رأساً على عقب ،وتبقى أربيل في فوهة إرهاب ولاية الفقيه كما حصل تماماً&في أكتوبر&2017&،أثناء دخول ميليشيات الحشد الشعبي التابعة للحرس الثوري إلى كركوك بدعم واضح وصريح من&بعض الدول الاقليمية وفي ظل غياب وتجاهل متعمد من قبل المجتمع الدولي .&

أربيل التي تتسم بسياسة السلم و الترَوِّي والهدوء التام في معالجة القضايا تتفادى أي اصطدام مع جيرانها من إيران&وتركيا وسوريا ،رغم هجمات تلك الدول الثلاث العسكرية والاقتصادية والاستخباراتية ،من خلال أجنداتهم داخل الإقليم&ومحيطه ،ومنذ حصولهم على الحكم الذاتي في التسعينيات وصولاً الى عام&2018لم تتوقف تلك الدول عن عدوانها&،بدأت طهران بمواجهة علنية،ولاسيما بعدما قامت المملكة العربية السعودية بتوقيع عقود هائلة للاستثمار داخل الإقليم&وآخرها تسيير رحلاتها الجوية ذهاباً وإياباً ،ومن المعروف أن مصالح الرياض في أي مكان داخل الشرق الأوسط تنبأ&بتحويل تلك المنطقة إلى بداية صراع جديد (سني _ شيعي )،حيث أن نظام ولاية الفقيه يستهدفها من خلال ميليشياته&ويحولها إلى حرب مفتوحة ،مما يعني العودة لإجبار الكرد على التمسك بسقف الأديان ونسيان القومية .&

هذه الحلقات ضمن السلسلة المتعارف عليها ،جعلت وضع حزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة الرئيس مسعود البرزاني&محرجاً أمام حليفهم الإتحاد الوطني الكردستاني ،فالسليمانية جارة لإيران ،وهناك مصالح بين الطرفين وأي تخبط بين&الإقليم وطهران ،فأن المتضرر الأول تكون السليمانية ،كما هو الحال بالنسبة لأي تخبط يحصل بينهم وبين تركيا ،تكون&أربيل هي المتضرر الأول ،وتتضح الأمور أكثر من خلال عدة سيناريوهات ،الأقرب منها هي أن أربيل في هذه المرحلة&الحساسة وبعد الهجوم الأخير لإيران على مقرات الحزب الديمقراطي الكردستاتي _ إيران داخل الإقليم ،واستشهاد عدة&قيادات للحزب ،موقفها بات محرجاً في الشارع القومي ،إنْ لم تقم بالرد ،أقله سياسياً أو اعلامياً ،وهو ما سيحرج الإتحاد&الوطني ،الذي وبكل تأكيد لن يكون له بديل ،سوى لملمة أشلائه ،وتقوية نفوذه واستقطاب الشارع الكردي من جديد بعد ما&خسره في أحداث كركوك التي حصلت بعد استفتاء الاستقلال في العام المنصرم .&

أن أي تقارب يوحد القوى الكردستانية ستكون عواقبه وخيمة من الخارج وخاصة من طهران وأنقرة ،ولتفادي تلك&العواقب ليس أمامهم ،سوى ممارسة سياسة المعارضة والولاء مع الالتزام الكامل بما يتفقون عليه من خلف الستار&،لحصد نتائج ايجابية وعدم التعرض لأي هزيمة لاحقة ،بعد الانتهاء من غيمة الإرهاب والصراع السوري ،فمخطط&اسقاط المشروع القومي الكردي عاد من جديد وما يجري من أحداث ما هو إلا بداية جديدة للضرب من الداخل ،وأربيل&والسليمانية بحاجة الى مجلس شيوخ غير معلن تكون مهمته توحيد المصالح بين الطرفين والتخطيط السليم ،لا يوجد&منتصر لأحدهم دون الأخر إذا كان مشروع الاستقلال ما زال مستمراً ،ذاك المجلس غير المعلن وحده القادر على صون&وحماية الشعب الكردي ،واللعب على طاولة سياسة المصالح مع الدول ذات الشأن في المنطقة ،فالالتزام بإرشادات&وتوجهات القوى العظمى واحترام اتفاقياتهم وصون مصالح ودول المنطقة شيء ،والعمل في الخفاء لتقوية الجبهة الداخلية&والاعتماد على الذات حين يخذلهم الآخرون شيء آخر ولا بد منه ،ومن اساسيات استمرار الحياة للشعب الكردي للوصول&به إلى بر الأمان ،أثناء عواصف المصالح في العالم.