ماذا تغير في العراق حتى يتهافت عليه الكرد ويتقاتلوا من اجل الوصول الى مناصب في مؤسساته ، هل تحول نظامه السياسي من الحزب الواحد ذات الطبيعة الدكتاتورية القمعية الى احزاب متعددة تعمل وفق مباديء الديمقراطية والدستور وتحترم حقوق الانسان وتكافح الفساد والمفسدين وتجلب الرخاء والازدهار للبلاد؟ ورغم ادعاءات الاحزاب الشيعية بالديمقراطية ومحاولاتها"الشعاراتية"لاظهار الواقع على غير حقيقته والعمل على اخفاء فشلها السياسي والاداري للحكم فان وضع العراق لم يتغير الى الاحسن بل تحول الى الاسوء وسارت البلاد نحو التفكك والحرب الاهلية واغراق مؤسساتها الحيوية في الفساد ، حتى وصلت الى الدرك الاسفل من الانحطاط السياسي والاجتماعي والنفسي والثقافي&ومن اكثر بلدان العالم &فسادا وسوءا بحسب تقارير منظمة الشفافية الدولية لسنوات متتالية ، هذه الاحزاب الدينية على اختلاف تنوعاتها الفكرية وتوجهاتها السياسية فانها تجتمع في نقطة واحدة جوهرية هي "الطائفية"، ومن خلالها ينطلقون في علاقاتهم المجتمعية وتحالفاتهم السياسية مع الاحزاب الكردية والسنية ، فلن تجد حزبا شيعيا ولا شخصية سياسية شيعية عقدت اتفاقا او ابرمت تحالفا سريا او علنيا مع الاطراف الكردية او السنية على حساب الاحزاب الشيعية الاخرى كما تفعل الاحزاب الكردية والسنية مع الاحزاب الشيعية وتسعى الى نيل رضاها!

رغم هشاشة العلاقات بين هذه الاحزاب الشيعية&وتناقضاتهاالسياسية فانها لن تصل الى حد الخروج عن الاجماع الشيعي الذي يشرف عليه ويديره"مايسترو"خبير يحرك من وراء جدرانه المتآكلة كل خيوط اللعبة بصمت وسكينة والكل ملتزم باوامره"المقدسة" ، اذا قال المايسترو المجرب لا يجرب يعني لا مكان للوجوه السياسية الفاشلة التي جربت الحكم واغرقت البلاد في وحل الفساد ، فسمع القوم واطاعوه ، وبحثوا عن وجه شيعي لم يتورط في&الفساد ، مقبول شيعيا وكرديا وسنيا ولم يجدوا هذه الصفات الا في"عادل عبدالمهدي"&، الرجل الذي يعتبره الكرد صديقهم&وموضع ثقتهم&وتعتبره السنة رجلا متوازنا غير طائفي ، ورغم ان اقطاب الشيعة وكبار عتاتها كانوا يفضلون رجلا آخر اكثر تشددا وحماسا&للطائفة ، ولكن المايسترو قرر ان يترشح هو لرئاسة وزراء العراق القادم وكلامه نافذ على الكل!

يتمتع عادل عبالمهدي بمزايا وصفات رجل تكنوقراط هاديء اكثر من تمتعها بصفات رجل سياسة محنك يغوص في دهاليز السياسة ويعقد صفقات مشبوهة ويثير ازمات ، ورغم انه ظل سنوات 2005 الى 2011 نائبالرئيس الجمهورية ووزيرا للنفط(2014)ولكنه لم يقم باي انجاز يذكر ! .

ولم يأت اختيار القوى الشيعية ومرجعها الاعلى للمهدي اعتباطا بل جاء بدقة وعناية فائقة فالمرحلة المقبلة يراد لها ان تكون مرحلة استقرار وهدوء ولملمة الصفوف وتجميع القوى وبعبارة اوضح ل"التقاط الانفاس" بعد طول النزاعات العرقية والطائفية الدموية وحرب "داعش"والفساد المستشري وتفجر الاوضاع الداخلية التي كادت ان تتطيح بحكم الشيعة ، &لذلك اجمعوا امرهم على تولي عادل عبدالمهدي الحكم لتهدأة الامور وتنقية اجواءهم الداخلية وادارة الدولة بحكمة ورشد قبل ان تتدهور الاوضاع وتفلت من عقالها ، فجاؤوا برجل مقبول عراقيا واقليميا ودوليا ، واول ما صدر عنه من تعليمات انه فتح ابواب التعين لكابينته الوزارية عبر النافذة الالكتروني&"الانترنت"منوجوه جديدة وعدم ترشيح اي نائب في&البرلمان&لمنصب وزاري. يعني تطبيق كامل&وحرفي لتوجيهات المرجع الاعلى السيستاني !&وهذا ما يثير المخاوف في نفوس الكثيرين من ان"المهدي"&جاء لتنفيذ اوامر رجال الدين الشيعة ورؤساء الكتل وزعماء الميليشيات&"مرشح تسوية"ولن يستطيع ان يقوم بشيء الا ما سمحوا&له به ..&وهذا درس للقادة الكرد الذين يعتبرون عادل عبدالمهدي صديقا&للشعب الكردي&الا ينسجوا حول الرجل آمال عريضة ، ولا ينتظروا منه اي موقف عملي لصالحهم ، فهو لا يقدر، لانه مأمور.&