&

كتبت صحيفة اخبار الخليج في الخامس عشر من شهر نوفمبر الجاري تقول:&استقبل صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، حفظه الله ورعاه،عددا من رجال الدين والنخب الفكرية والثقافية والتجارية والإعلامية والصحفية وجموعا من المواطنين.&وخلال اللقاء أكد&سموه&أن ثروتنا الحقيقية هي شعبنا ونحن فخورون بشعبنا وشديدو الاعتزاز بإسهاماته ومواقفه الوطنية، وإن همنا الأول هو تحسين حياته وتقديم أفضل الخدمات له، فشعبنا هو سبيلنا لتحقيق غاياتنا وأهدافنا التنموية، وإذا كانت مواردنا قليلة إلا أنها كبيرة بشعبنا الذي نراه هو&موردنا الذي لا ينضب، وبه ماضون في تيسير شؤوننا معتمدين بعد الله سبحانه وتعالى على قدرات هذا الشعب العزيز وإمكانياته والذي نحرص على تهيئة كل ما يمكن لتشجيعه نحو المزيد من العمل والإنتاج.&كما تمر&الأمة&بوقت عصيب وفي أوضاع صعبة وإن وحدة الكلمة والموقف ولم الشمل قد أصبح ضرورة في مواجهة السياسات والمؤامرات التي تستهدف بث الفرقة والتشتت، محذراً سموه من استغلال التكنولوجيا الحديثة كمنصة لخدمة هذه المؤامرات وفي نشر خطابات الكراهية، لكننا نحمد الله أن الوعي في مجتمعنا البحريني عالٍ بما يكفي ليفشل مثل هذه الأهداف وتلك المؤامرات.&كما&أكد&سموه على&الحرص&لحماية البحرين من المخاطر التي تؤثر على تماسك هذا الوطن ولحمته كسوء استغلال وسائل التواصل الاجتماعي أو تلك التي تؤثر على مستقبل الأجيال القادمة وسلامة البناء التعليمي.&كما&أن المجتمع أشد ما يكون حاجة اليوم إلى الخطاب القائم على المحبة والتناصح فالتحديات التي تحيط بالأوطان كثيرة وأي خطاب متشدد أو داعم لسياسات التفرقة والتشتت فستكون آثاره وخيمة على المجتمع، لذا يجب الحذر اليوم أكثر من أي وقت مضى والتمسك بعروة الوحدة والترابط والتماسك، حاثا سموه على تطويع التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي لتعزيز التماسك الاجتماعي والوعي بمن يستغلها للتأثير على نسيجنا القومي وأمننا المجتمعي.&وأشار سموه إلى أن مملكة البحرين اليوم على أبواب استحقاق نيابي جديد، وهذا الاستحقاق سيكون فصلا جديدا في الديمقراطية الوطنية، حاثا سموه على دعم الاستعدادات لهذا العرس الديمقراطي بالممارسات التي تعكس للعالم حضارة الديمقراطية البحرينية ووعي شعب البحرين، وقال سموه «على الجميع إثراء المسيرة الديمقراطية والاستفادة من دروس الماضي والانطلاق لبلوغ الأهداف المشتركة التي تستند عليها المسيرة الوطنية».

كما&كتب أستاذي الفاضل&لطفي نصر&مقال&يقول فيه: "خبر&صغير أهملته كل الصحف البحرينية، وألقت به في الصفحات الداخلية،&وفي زوايا النسيان غير&الظاهرة،ولكنني أراه واحدًا من أهم الأخبار ويفجر قضية وطنية ضرورية وفي غاية الأهمية. الخبر يقول: إن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية تنظم الآن بالتنسيق والاتفاق مع «تمكين» وهيئة تنظيم صندوق العمل برنامجا تدريبيا جديدا من نوعه اسمه «التدريب مع ضمان الوظيفة». وأول البرامج على هذا الطريق المهم هو التدريب والتوظيف في مجال صياغة وسمكرة السيارات لحملة دبلوم الثانوي الصناعي،&ويقوم هذا البرنامج على أساس حصره أو قصره على أبناء البلاد،&كما أنه يمكن من خلاله التوظيف مباشرة وإتمام عملية التدريب على رأس الوظيفة نظرًا إلى حاجة البلد إلى عشرات الآلاف من مثل هذه الوظائف،&وفي مختلف الاختصاصات الصناعية والتكنولوجية والخدمية،&بل تلزم وزارة العمل نفسها بتوظيف المتخرجين في هذا البرنامج بوكالات السيارات&والشركات&التي تبحث عن موظفين بحرينيين من هذا النوع.&وإضافة إلى كل ذلك يتم منح المتدرب على مثل هذا البرنامج شهادة دولية معترفا بها تمكنه من العمل في&أي دولة.&ولابد من القول إن أبناء البلاد الذين تخرجوا في معظم فروع التخصص في التعليم الثانوي الصناعي ومراكز ومعاهد التدريب قد رفضوا العمل في تخصصاتهم نفسها وقبلوا العمل في وظائف كتابية بسيطة توخيا للراحة!!&وأنجح برامج التوظيف في كل الدنيا هي البرامج التي تأتي عن طريق برامج التدريب الضامنة للوظيفة.

تلاحظ عزيري القارئ مدى قناعة القيادة البحرينية، حفظها الله، بأن ثروة الأوطان هي شعوبها، وانتاجية قواها العاملة، والتي هي&نبع لا ينضب ومفتاح التنمية المستدامة وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، وتطور الاقتصاد وتنوعه. ويبقى السؤال:&كيف&اهتمت اليابان بثروتها البشرية لتحقق التنمية المستدامة، ولتصبح الاقتصاد الثاني والثالث عالميا بعد عقدين من انتهاء الحرب العالمية الثانية؟&لقد&عينت في&شهر أغسطس من عام 2005 اول سفير&لمملكة البحرين في اليابان، وكانت اول خطوة بدأتها هو محاولة تعلم اللغة اليابانية، وكنت جادا في ذلك، مع إمكانية مهاراتي العقلية&الضعيفة في تعلم&اللغات. وبدأت تجربتي في العمل الدبلوماسي بزيارة سفير اليابان بمملكة البحرين، واخبرته وبفخر بأنني أحاول تعلم اللغة اليابانية، مع أن&مهاراتي&العقلية في تعلم اللغات ضعيفة جدا، فرد علي،&رحمه الله: "أرجوك أن تتذكر دكتور خليل نقطتين، النقطة الأولى هي أن اللغة اليابانية صعبة جدا، وتحتاج للكثير من الجهد والوقت لتعلمها، كما لا يستطيع السفير استخدام اللغة رسميا إلا إذا كان يتقنها بدرجة عالية، أما النقطة الثانية فأنك أول سفير&لمملكة البحرين في اليابان وعليك تعلم الكثير عن هذه البلد، من التاريخ الى الثقافة الى الاقتصاد والصناعة والتكنولوجيات المتطورة، بالإضافة بأنك طبيب ووزير صحة سابق وتريد ان تستفيد من التجربة اليابانية في المجال الصحي والطبيوالتعليمي."&وقد كانت هذه الرسالة&مهمة جدا لي لترتيب أولويات عملي. ومن الأولويات التي ركزت عليها في ذلك&الوقت، ومع بدأ طرح الحكومة&الموقرة&للرؤية الاقتصادية 2030، هو التعرف على كيفية تطوير الشركات الصغيرة، لكي يبدأ الشباب البحريني الابتعاد&عن&وظائف&كراسي الحكومية، والتوجه نحو تأسيس شركات&إبداعية&خاصة&صغيرة، تستطيع من خلالها توفير وظائف تكنولوجية مبدعة ومنتجة، لكي تتحقق الرؤية الاقتصادية 2030، ويتضاعف الناتج المحلي&الإجمالي للفرد للضعف.&

لذلك بدأت الاهتمام في عملي الدبلوماسي&بزيارة الشركات ذي التكنولوجيات المبدعة،&وارجو لعزيزي القارئ أن يسمح لي&بعرض أربعة شركات&يابانية&قمت بزيارتهافي بداية عملي الدبلوماسي، فقد كانت الشركة الاولى&هي شركة&متخصصة في صنع المناظير الطبية، والثانية&متخصصة في&صنع أجهزة لتوسيع شرايين القلب المتضيقة، والثالثة&متخصصة&في&انتاج&الطاقة النووية، وأما الشركة&الرابعة فهي&متخصصة في التلسكوبات الفضائية&والطاقة الشمسية. والذي لفت نظري في الزيارات الأربعة هذه كيف تهيئ&هذه الشركات قواها العاملة لتتحول لمهارات تكنولوجية عالية، تطور منتجات ترفع من الناتج المحلى الإجمالي لاقتصاد بلدها، بدل ان تكون قوى عاملة عالة على الاقتصاد الوطني،&وبإنتاجية عمل لا تزيد عن الساعة الواحدة يوميا. فمثلا&خلال زيارتي لمحطة نووية تنتج الكهرباء لمنطقة يزيد سكانها على المليون شخص، فبعد&أن تعرفت&ولأول مرة&على تكنولوجية إنتاج الطاقة النووية، لاحظت من النافذة الزجاجية لغرفة مراقبة عمليات انتاج الطاقة النووية، مجموعة من المختصين، وسألت المسئول: هل هذه القوى العاملة&المتخصصة&التي تدير عمليات هذه المحطة النووية علماء في علوم الذرة وبدرجة الدكتوراه في العلوم النووية؟ وكان&رده مفاجئ لي: "هؤلاء&هم خريجو&الثانوية العامة، نحن نختارهم ونعلمهم&وندربهم لهذه المهارات المتخصصة." أما عن زيارتي لمصنع المناظير الطبية، فقد لاحظت شابات يقومون بصناعة مناظير القلب، وهي مناظير بحجم الابر التي يستخدمها الطبيب لكي يسحب الدم من وريد المريض، وتدخل هذه المناظير في اوردة المريض ولتصل الى القلب،&ليستطيع الجراح دراسة امراض القلب&وشراينه. ولتتذكر عزيزي القارئ بأن هذه المناظير قطرها لا يزيد عن قطرة الابرة، ولكنها في نفس الوقت تحتوي على&انبوبة منظار للرؤية، وانبوبة لنقل الضوء، وانبوبة أخرى للتنظيف. وسألت المسئولين عن&المستوى التعليمي&لهذه القوى العاملة في المصنع، وكان الرد مرة أخرى: "هؤلاء&هم خريجو&الثانوية العامة، ونحن نقوم&بتدريبهم، وهو يعملون تسعة شهور في السنة، بينما يتدربون ثلاثة شهور سنويا لتطوير تكنولوجيات ما يصنعون." أما زيارتي الثالثة فكانت لمصنع يطور بالونات لتوسيع شرايين القلب المتضيقة. وقد قمنا بزيارة غرفة العمليات لتوسيع شرايين القلب التاجية. وكان المريض عبارة عن روبت انسان&آلي، وقد وضع قلب صناعي في صدر هذا الانسان الصناعي، وبهذا القلب تضيق في الشريان التاجي، وقد قام جراح القلب بعملية&قثطرة&تجريبية&لتوسيع شريان القلب&المتضيق&في الإنسان الآلي. والجدير بالذكر بان هذه&هي&الخطوة&الأولى&التي يقوم بها الجراح على الانسان الالي،&قبل ان يقوم&بتطبيقها على مريض القلب البشري،&وطبعا بعد ان اخذت الاشعة المقطعية لقلب المريض البشري، وصنع&بالطباعة الثلاثية الابعاد،&قلب بلاستيكي صناعي مشابه تماما لقلب المريض، وبه نفس تضيق الشريان التاجي الذي يريد ان يوسعه الطبيب ببالون&القثطرة. أما المصنع الرابع الذي زرته فيقوم بصنع تلسكوبات فضائية لشركة الفضاء الامريكية ناسا، للدراسة&التلسكوبية&للشمس&وعلىالسفن الفضائية،&كما تقوم هذه الشركة بصنع&ميكروسكوبات&لعمليات جراحة المخ. وقد دعاني رئيس للشركة للغذاء في مطعم الشركة، وطرحت عليه السؤال التالي: "كيف تختارون القوى العاملة لهذه الشركة، هل تعتمدون على الشهادات الجامعية أو توصيات الشركات السابقة او على مستوى الطالب بين اقرانه، فرد علي رئيس الشركة: "نحن اربعة اخوة اسسنا هذه الشركة، ولم تزد دراستنا عن الدراسة الثانوية، مع ان اخونا الأكبر كان طيار في الجيش، وقد اسسنا هذه الشركة بعد الحرب العالمية الثانية، وكان يجمعنا الحب للعلوم الفيزيائية والهندسة، وبدأنا كشركة صغيرة جدا وبعدها تطورت صناعات شركتنا، لنصل لإنتاج تلسكوبات لشركة&الفضاء ،ناسا الاميركية،&وميكروسكوبات&لجراحة&المخ نبيعها على المستشفيات الامريكية، كما بدأنا مؤخرا&الاهتمام بالطاقة الشمسية،&وقمنا بإنشاء اول محطة طاقة شمسية تجريبية في طوكيو،وبدعم مادي من الدولة. أما الجواب على سؤالك عن كيفية اختيارنا لعمال الشركة،&فأقول&بأننا لا نعتمد على السيرة الذاتية او الشهادات،&بل&نستضيف&المتقدم لوظيفة العمل الى المطعم، وتقيمنا الحقيقي له يتم على وجبة الغداء، وطبعا لا يعرف المتقدم ذلك، فنلاحظ طريقة&محادثته، واخلاقيات تصرفه، ومستوى ذكاءه الاجتماعي والفكري، ومهاراته اليدوية من خلال استخدامه&عصيات الاكل الخشبية،&فلم تعد الشهادة من اوليات وظيفة العمل لدينا. ولنا لقاء.