في خضم المظاهرات&

كانت&أول&مظاهرة شاركت فيها&في&بداية العمر وفي الصف المتوسط&الأول&، مظاهرة جماهير بغداد الحزينة والصاخبة لمقتل الملك غازي الذي كانت له شعبية واسعة. وقد جرت&أصابع&الاتهام لبريطانيا ونوري السعيد، ورفض&الناس&تصديق&الرواية الرسمية عن الموت بسبب&سياقته&السيارة بسرعة كبيرة.

أما&أول&مظاهرة شاركت فيها&وأنا&في بداية نشاطي السياسي الحزبي فكانت في عام&1946،&احتجاجا على مجيء لجنة التحقيق الدولية حول فلسطين. وقد&أعلنت&الأحزاب&الوطنية العلنية عن&الإضراب&السياسي العام.&أما&الحزب الشيوعي فارتأى التظاهر&أيضا. وشاركت في المظاهرة في باب المعظم ، وطاردتنا الشرطة حتى بوابات&كلية الهندسة،&فأغلقناهاواعتصمنا. وبعد ساعات استطاع لفيف منا القفز فوق الجدران، وقادنا احد الرفاق&إلى&سوق السجاجيد ، لندخل مخزناً واسعا، ودخلنا غرفة كان فيها رجل راح يوجه&إلينا&الأسئلة&عن تفاصيل المظاهرة . وفيما بعد علمت انه كان الشهيد زكي&بسيم. في اليوم التالي للمظاهرة خرجت صحف&الأحزاب&الوطنية العلنية بمانشيتات تهاجم الشيوعيين بذريعة&أنهم&خرقوا&الإجماع&الوطني على الاكتفاء&بالإضراب&وحسب. وفي العام التالي 1947&ألف&نوري السعيد وزارة جديدة اشترك فيها الحزب الوطني الديمقراطي، مما&أثار&امتعاض الحزب الشيوعي. وقد قرر عقد اجتماع لفضح حكومة نوري السعيد وليؤكد انه لم&يتغير&أبدا.&

كان مقرراً&أن&يكون الاجتماع في ملهى الفارابي ( على ما&أتذكر) وحين وصولنا وجدناه مغلقا في&وجوهنا.&وكان مقرراً&أن&القي كلمة باسم&الأكراد. وفجأة تحول المجتمعون&عفوياً&إلى&مظاهرة ، سرعان ما وجدت نفسها بين الشرطة، الذي اعتقلوا الكثيرين منا، وزجوا بعدد&آخر، كنت منهم، في مركز&السراي بعد تعرضنا&إلى&هراوات الشرطة ، والقوا بنا في&زنزانة&واسعة. في اليوم التالي جاء الشهيد حسين&الشبيبي&وقال لنا انه قد تقرر&إطلاق&سراحنا . وعرفنا انه كان قد قابل عدداً من الوزراء لهذا الغرض. وفي&أيام&وثبة كانون الثاني، وكنت مدرساً في الكوت ومسؤول التنظيمات الشيوعية في المدينة والمدن الملحقة&بها. كنت في&أجازة&ببغداد،&فأخذني&الحماس يوم 27 منه واندفعت&إلى&باب المعظم حيث انطلقت مظاهرة ضخمة من المستشفى ، التحقت&بها&في باب المعظم. كانت مظاهرة&كبرى، سارت على طول شارع الرشيد في ساعات عديدة، وبعد ساعات من الظهر شعرت بتعب شديد فتركت المظاهرة للبيت. وفي المساء&أعلن&الوصي عن&إسقاط&حكومة سعد صالح وتعيين السيد محمد الصدر رئيسا للحكومة الجديدة. كانت مشاركتي خروجاً على الضبط الحزبي ولكنه حماس الشباب. وخلال الوثبة حاولت جهات سياسيةلتشويه دوافع الوثبة ووصفوها بحركة ضد صالح جبر لمجرد انه شيعي، ولكن تلك المحاولة فشلت.

وفي&أربعينية&الضحايا شاركت في مظاهرة ضخمة&أخرى&تؤبن شهداء الوثبة. وقد عدت&إلى&الكوت&والتدريس ، وبعد&أسابيع&أعلن&محمد الصدر عن موعد لانتخابات جديدة ، وقد رفع الحزب الشيوعي شعار ( لا انتخابات&حرة&والأحرار&في السجون)&فارتأيت&أن&ينظم شيوعيو&الكوتمظاهرة تحت هذا الشعار . كان يجب حزبيا&ان&أبقى&بعيداً عن المظاهرة لكي لا ينكشف دوري في النشاط الشيوعي، غير انه عندما اقتربت المظاهرة من المقهى الذي كنت فيه ، وجدت نفسي وسط المظاهرة، التي اشتد حماسها عند وصولها&إلى&أبواب&السجن حيث كان الرفيق فهد و رفاقه. انفضت المظاهرة بسلام. وفي صباح اليوم التالي كنت في دائرة البريد&لأنقل&لجريدة (الأساس) الشيوعية العلنية تفاصيل المظاهرة،&فإذابي&اسمع&أصواتا&خارج البريد تهتف (يسقط عزيز الحاج، يسقط&..يسقط) وقد هرع عدد من&أقاربي&في المدينة&لإخراجي&بسلام. وقد قررت ترك المدينة والمدرسة&وعدت&إلى&بغداد. وفيما بعد فصلت من وزارة التربية، وبقيت في بغداد لتوكل لي مهمة قيادة تنظيمات الطلبة الشيوعيين في بغداد، ثم مهمة تنظيمات&الكرخ.. وبأشراف&تأسيس&الاتحاد العام لطلبة العراق، وقد&ألقى&الجواهري&قصيدة&شهيرة&في التجمع الكبير ......

أما اكبر مظاهرة شاركت فيها ، فهي مظاهرة الأول من&ايار&1959 التي نظمها الحزب الشيوعي في بغداد تحت شعار المشاركة في الحكم. وسبقت المظاهرة سلسلة مقالات في صحيفة الحزب العلنية تطالب بالمشاركة في الحكم. شارك معظم أفراد القيادة الشيوعية ، وكنت عهد ذاك مرشح الجنة المركزية ، وفي الصف الثاني الأمامي من المظاهرة. وشارك في المظاهرة&مالايقل&عن مليون شخص، وبينهم عسكريين. وما أن سارت المظاهرة مسافة ، حتى تصاعد من الصفوف الخلفية هتاف (عاش زعيمي ، حزب الشيوعي في الحكم مطلب 'عظيمي' ) . فانجرفنا مع القواعد في ترديد هذا الهتاف. وكان سلام عادل يطل من شرفة احد المباني. اعتقد الآن أن تلك المظاهرة كانت خطاً تكتيكيا ساهمت في التخويف من الحزب الشيوعي، حيث كانت الدعايات المعادية داخل العراق وخارجه تردد نغمة التخويف هذه. وكان&الحزب الشيوعي يتصرف منذ بداية الثورة وكأنه هو الوصيّ الأول عن الثورة، فألف فرقاً مسلحة وتألفت في دوائر الدولة ما سميت&بـ&(لجان صيانة الجمهورية).

هذا ولنا عودة للموضوع...