خطاب لايصدق , تسمعه عدة مرات وتشك في سمعك وقدرتك على الاستيعاب والفهم , منه خطاب السيد نيجيرفان البارزاني الذي بثته اليوم الاربعاء 28 اذار 2018 , العديد من وسائل الاعلام المحلية ,و الذي يحتاج الى قراءة متأنية ومحايدة ودراسة هادئة جدا بمنطق التحليل والعقل وليس بأسلوب العواطف والشعارات المضللة والرنانة , لان بكل صراحة ووضوح ان هذا الاسلوب السائد في مخاطبة الشارع الكوردستاني منذ عام 1991 ولحد كتابة هذه الكلمات , هو الذي قادنا الى مانحن فية الان , اضيف الى ذالك انه اساس انتكاستنا وتاخرنا وتراجعنا يوما بعد يوم .

يقول السيد البارزاني في تصريحه و(ليته لم يقل ) : (إذا كان المتظاهرون أو القائمون بالعصيان يحملون السكاكين والمسدسات , فنحن نتعامل معهم بنفس الاسلوب )(انتهى الاقتباس) , وهنا اراد السيد البارزاني ان يقول بمعنى أكثر وضوحا وتبسيطا : العين بالعين و السن بالسن و البادي اظلم . ...!

والمضحك المبكي في هذا التصريح انه صادرعن رئيس حكومة إقليم كوردستان العراق , أي انه يُفترض فيه ان يعي اكثر من المواطنين البسطاء في الإقليم الذين دفع بهم العوز والجوع ان يخرجوا الى الشوارع مطالبين بحقوقهم المشروعة بشكل (سلمي ومدني ) بعد ان ضاق بهم سبل العيش في بلدهم الذي يطفوا على انهار من النفط الذي اصبح نقمة بدلاً من أن يكون نعمةً عليهم.

ان السيد البارزاني يعرف جيدا أن الفساد الإداري والمالي والمحسوبية والمنسوبية وهدر المال العام ونهب ثروات الإقليم ، من قبل كبار المسؤولين والحكوميين، هي الأسباب الرئيسية للأزمة التي يعاني منها شعب الإقليم وخاصة بعد ان هيمنت حزبه وحزب الطالباني على جميع مقاليد الحكم وعلى كافة الموارد الاقتصادية في الإقليم بدءً من النفط ووصولاً لشركات استثمار العقارات والاتصالات والانترنت منذ عام 1991 الى اليوم . 

يعرف السيد البارزاني جيدا بان مع تفاقم الازمة المالية التي يعيشها إقليم كوردستان ارتفعت نسبة البطالة الى( 12.5% )بعد ان سجلت بآخر إحصائية (9% ), كما قفزت معدلات الفقر، بشكل ملحوظ من( 3% )الى اكثر من( 15% ) حسب الإحصائيات الرسمية , كما تسببت الازمة المالية المتفاقمة في الإقليم إلى انتشار معدلات الجريمة والعنف والطلاق بين طبقات المجتمع ذات الدخل المتدني أو الفقيرة تحديدا , حيث اشارت احصائية ميدانية إلى أن نسبة الطلاق في تزايد مستمر، , فعلى سبيل المثال , أن عدد حالات الطلاق المسجلة في محكمة الاحوال الشخصية في مدينة اربيل في ازديات ملحوظ فـ( خلال عشرين يوم فقط ـ وتحديدا من 23 ـ 1 ـ 2018 الى 16 ـ 2 ـ 2018 ) بلغت ( 517 ) حالة . 

كان على السيد البارزاني بحكم حجم مسؤوليته ان يقوم بالاجابة على السؤال الذي يُطرح نفسه اليوم في الشارع الكوردستاني ويرهق ذهن المواطن المغلوب على امره : الى متى يدفع المواطن الكوردستاني البسيط ضريبة فشل وتخبط الحكومة قسرا وظلما؟ 

كان على السيد البارزاني ان يقوم بالإصلاح الحقيقي ومعالجة عجز الموازنة, وان يبدأ بنفسه وثم بالاخرين ويقضي على مراكزفسادحكومته , بدل ان يقوم بسحق الفئات الاجتماعية الفقيرة والهشة والمعدمة من الموظفين والمعلمين الذين يشكلون نسبة( 28.60% )من مجموع سكان الإقليم ؟ 

 مها تذرعت الحكومة باسبابها لاستمرار سياستها التقشفية الضالمة تجاه عموم المستضعفين في اقليم كوردستان , فلا ينبغي تحميل الشعب أعباء تخبطها وفشلها سياسيأ واقتصاديأ بحجة تطبيق البرنامج الإصلاحي من اجل الخروج من الازمة المالية التي تعصف بالاقليم منذ اربع سنوات . 

كان على السيد البارزاني ان يكشف حجم امواله واموال الرؤساء وقيادات حزبه والاحزاب الاخرى المودعة في البنوك في الخارج ؟ كان عليه ان يعلن عن اسماء سُرَّاق اموال الشعب، الذين يفتعلون الازمات في اقليم كوردستان وعن الذين هربوا اموال الشعب الى ملاذات امنة؟ 

كان على السيد البارزاني ان يعتذر للمعلم الذي تعرض للضرب المبرح على يد قوات الأمن الكوردية ( الأسايش ) في 25 اذار 2018 لا لشيء الا لانه طالب بحقوقه المسروقة وقال (لا للادخار الاجباري) ... 

كان على السيد البارزاني ان يعرف بان المعلم لا يملك في الاقليم غير صوته وكرامته و( قلمه ) وفكره ووطنيته واخلاصه وتضحيته ,فعن اي مسدس وسكين تتحدث يا سيادة البارزاني ؟ 

لا ، وألف لا يا سيد البارزاني ، فإن نسيت أو تناسيت ، تنكرت أو أنكرت , اسمح لي ان اقول لك ان المعلم هو الثروة الحقيقة وكنز كل مجتمع، فهم رسل المحبة وبناء العقول , المعلم هو الوطن , هو كرامة شعب لايحق لاحد مهما كان درجته الحزبية والحكومية ان يهنه ويضربه ...
وأخيراً وليس آخراً ..

للاسف ان السيد البارزاني تحدث في خطابه بشكل غير واقعي ولا منطقي، والقى بالتهم جزافا، يمينا وشمالا، واتهم المتظاهرين بأنهم يحملون المسدسات والسكاكين ,في حين هناك صور و فيديوهات تظهر وقوع خروقات ضد المتظاهرين المدنيين الذين تعرضوا امام انظار الجميع الى ابشع انواع الارهاب والتعسف على يد قوات الامن ( الاسايش ) وان المقطع الذي يوثق لحظات الاعتداء السافر بالضرب من قبل رجال الامن ( الاسايش ) على احد الاساتذة في وسط مدينة اربيل , اثناء تظاهرة سلمية للمعلمين تطالب بحقوقهم المشروعة خير دليل على ذالك ..

كان على السيد البارزاني كرئيس حكومة إقليم كوردستان العراق ان يعتذر أمام الجميع لما بدرمن إساءة تجاه معلماتنا ومعلمينا الذين يضحون ويحترقون من اجل ان ينيروا الطريق لنا وللاجيال القادمة. وذلك لأن رد الاعتبار يجب أن يوازي حجم الاساءة والانتهاك ,فالمعلم يحتاج لانحناءة تقدير واحترام لما يبذل من جهود كبيرة في خدمة الوطن و تربية طلبة المجتمع بلا مقابل ...

كنت اتمنى كمواطن كوردستاني ان يقف السيد البارزاني كرئيس حكومة إقليم كوردستان العراق معنا ويطالب بايقاف الاعتداءات بحق نساء ورجال التعليم والاطباء والموظفين كي لا تتكرر هذه الاعتداءات على الحريات العامة والتي تمثل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان وللحريات الأساسية التي كفلها القانون الأساسي في العراق وإقليم كوردستان وخاصة ان المعتدين يمثلون المؤسسة الامنية...

 إن من يحلف اليمين ويقسم ليصبح مسؤولا عن شعب وحكومة عليه أن يتحمل مسؤولية كل قطرة دم تراق وكل فلس يهدر ،لا أن يقوم بتبريرالفشل والعنف وتغطية الانتهاكات المريعة وتوفير الدعم لمن يسيء الى سمعة الإقليم والقضاء وحرية المواطن وحقوق الانسان الاساسية والحق في الاحتجاج السلمي بحجج واهية .