يترابط عالمنا المادي و الظواهر و الأفكار بسلسلة من العلاقات ليس لها نهاية، و لا يمكن العثور على احد جوانب عالمنا و ظواهره وحيدا و معزولا. &التقسيمات القائمة إنما هي تقسيمات معرفية تجرد الظواهر من علاقاتاتها و روابطها من اجل فهمها.&

يحتاج العالم الآن إلى تثوير شاملٍ ، فآليات "القيادة العالمية" عتيقة و مجزأة، و المستوى الوطني يتناقض مع الترابط الكوكبي العام. و إزاء عالم يزداد تعقدا تتصاغر باستمرار حكمة قيادات العالم الذي نعيشه و يزداد افتقارها إلى الشمول و ضبط الإيقاع. انحسار التفكير&الشامل&و التمكن من الإدراك الجزئي لما يجري في احد أصقاع عالمنا يحجب&النظرة الشاملة و&ما يجري في الجزء الآخر.

وجود مجموعة محددة من&الأفراد تمتلك قوة القرار، أي وجود القيادة الفردية لعالمنا الذي يشكل النشاط البشري فيه اتساعا و ترابطا بشكل غير مسبوق يزيد من احتمال&تحول حدث صغير في جزء ناءٍ&من العالم إلى حدث كبير و ربما كارثي.&أن ازدياد التباين بين تطور المستويات الاقتصادية و الاجتماعية الوطنية يعمق الشرخ و يشدد الصراع.&

و في الوقت الذي تتطور القاعدة الاقتصادية&المشتركة&للكوكب إلى مستوى&من الاقتصاد&المُنتَج&و المستهلك&عالميا و يزداد عدد المشاركين فيه، تنحسر المنافع الناتجة عنه&بتناقض بين سعة الانتاج و ضيق الانتفاع &لحفنة&من الدول&على المستوى العالمي&، و حفنة من &الافراد&على المستوى الوطني.

من الفن الى السياسة&مرورا بكل حقول المعرفة التي تتقاسم مواضعها في سلم التجريد بدءا بأكثرها تجريدا و تشريفا نزولا إلى درك الملموسية الأكثر انحطاطا،&تطرح العلاقة بين الكل و الجزء نفسها باعتبارها إشكالية مُغفَلة&مُتجاهَلة&و هي ما يمكن أن يكون مسئولا&عن إشكالات عالمنا الذي يتمادى في التعقيد في تسارع يفوق القدرة على التفكير، حتى ليبدو أن الإنسان لم يعد يصلح للعالم الذي صنعه بنفسه&و لنفسه.

بحكم العولمة و ازدياد الأواصر&المتبادلة التأثير&، تبرز&تحدياتٌ&في كل جزء صغير من كوكبنا هي ذات أهمية حيوية لمصير الكوكب ككل و تفند التفكير بوجود قوى هامشية أو ثانوية غير ذات تأثير على تيار عالمنا الرئيسي كما كان يحصل حتى القرن الماضي،&لم تعد اليوم ثمة زاوية منسية يمكن إهمالها على اعتبار إنها غير ذات تأثير على مصير العالم.

الترابط و التأثير المتبادل يجعل من الإدراك المجتزأ لعالم أكثر ترابطا و أكثر تأثيرا في العلاقات بين الجزء و الكل، يجعل منه إدراكا مشلولا و محدودَ التأثير. &

العفوية الاقتصادية و دور الدولة

العفوية&و النفور من التخطيط&في الاقتصاد، و هو ما تعزز بانتصار شكل علاقات الانتاج الأكثر رأسمالية، تطبع&كاملمجالات&النشاط البشري&و تقلص القدرة على التخطيط و تحد من دور الدولة و تؤدي باطراد الى سيادة قوى عمياء لا&يمكن السيطرة عليها أو التنبؤ باتجاهاتها. ففي عالم اليوم تنطلق قوى منفلتة&، ليس في مجال الطبيعة فقط بل و في مجال المجتمع و الفكر، تزداد قوةً و فاعليةً و استقلالية. و يرتبط ازدياد التعقيد في الظواهر بعلاقة عكسية مع القدرة على إدراكها و يبّشرُ تصاغرُ الذهنِ البشري أمامها بنهاية سيادة العقل. فكلما ازدادت الظواهر تعقيدا&استعصت و قلت فرص التغلب عليها&ما يشكل تراكما ينوء به الكوكب.

فهل ما ينوء به الكوكب ناشئ عن طبيعة نظامه القائم على المشاريع الخاصة و فوضى السعي و راء الربح المنفرد إزاء حيادية الدولة؟ و هل تبقى الدولة&منصرفة عن التدخل أو المشاركة في التخطيط،&لكي تقرر&مرتبكة لاهثة أن تتدخل في اللحظة الأخيرة&لإنقاذ ما يمكن إنقاذه كما حصل في الأزمة المالية الأخيرة؟ و هل ستكون هناك تغييرات في دور الدولة &في هيكلة الاقتصاد الوطني و العالمي تعمل على إضفاء التنسيق فوضى ملايين المساعي الفردية الساعية إلى أقصى درجات الربح في تيار واحد يسهل ضبطه و التحكم باتجاهاته؟